أبو طوني أسد الجنوب
عدد الرسائل : 576 العمر : 34 الموقع : الجنوب-النبطية تاريخ التسجيل : 06/05/2008
| موضوع: الملف اللبناني بين نبيه بري ومحمد ناصيف الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:39 am | |
| الرجاء الرجاء قرائته كاملا لكي تعرفو من هو نبيه بري و تاريخ نبيه بري و عروبة نبيه بري و استقلالية نبيه بري حفظه المولى
الملف اللبناني بين نبيه بري ومحمد ناصيف
24-03-2007 17:05
لم يكن الرئيس نبيه بري محبوباً في أي يوم، من أحد أركان حكم الرئيس السوري الآن بشار الأسد، اللواء محمد ناصيف، حتى عندما كان ناصيف مسؤول الملف الشيعي اللبناني في عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد.
وكان ناصيف يناصب بري العداء لاعتبارات داخلية سورية، هي جزء من التركيبة التي ابتدعها حافظ الاسد، حين استحدث لكل جهاز أمن انشأه، جهازاً مضاداً يراقبه، حتى بات في سوريا 11 جهاز أمن كلها تراقب بعضها بعضاً، وكلها ترفع تقارير ضد بعضها بعضاً الى حافظ الاسد نفسه، وهو كان يتلذذ بقراءة التقارير عن رجاله كما عن خصومه، ليستطيع توضيب ملف لكل هؤلاء، يسحبه تهديداً او ابتـزازاً او قراراً ضد كل من يريد معاقبته او محاسبته او طرده من جنة الحكم.. او ترفيعه داخل هذه الجنة.
وعلى هذه القاعدة، كان حافظ الاسد يعتمد محمد ناصيف لمواجهة الثلاثي المنسجم حكمت الشهابي وعبدالحليم خدام وعلي دوبا، وحيث ان هذا الثلاثي كان مشرفاً على ملف لبنان، فإن من كان مكلفاً من اللبنانيين بإدارة شؤون لبنان تحت الرعاية السورية الامنية والسياسية كان مصاباً بلعنة الكراهية التي يحملها أي جهاز امني – سياسي مضاد لهذا الثلاثي داخل سوريا.. وعلى رأس هذه الاجهزة كانت الاستخبارات الداخلية تحت قيادة العميد يومها محمد ناصيف.
كان خصوم الرئيس نبيه بري المحتملين من الشيعة كلهم يلقون رعاية خاصة من العميد – اللواء محمد ناصيف (ابو وائل) مثلما كان خصوم الرئيس الشهيد رفيق الحريري من السنة كذلك في حضن ابو وائل.. صغروا او كبروا، وكذلك خصوم الزعيم الوطني وليد جنبلاط من الدروز، وجلهم من الصغار والمخبرين التافهين.
وامتدت يد أبو وائل الى داخل صفوف حركة ((امل))، حتى استطاع تشكيل جبهة حزبية داخل اقليم البقاع بقيادة محمود ابو حمدان، نجح في انتـزاع الاقليم كله من تحت سيطرة رئيس الحركة نبيه بري، مثلما كان ناصيف نجح سابقاً في تشكيل حالة اعتراضية بقيادة نائب رئيسها السابق حسن هاشم.
وكانت التسريبات الاعلامية للمخبرين العاملين في شبكة ابو وائل في لبنان وما تزال تطال الرئيس بري بشكل شبه يومي لاضعافه وسط جمهوره الشيعي واللبناني، في وقت كانت فيه هذه الشبكة مكلفة بالترويج لحزب الله، على قاعدة ان بري وأمل هو الشر كله، وان حزب الله هو الخير كله.
وبسبب الرعاية الأبوية السابقة من محمد ناصيف لأولاد الرئيس حافظ الاسد المشغول بقضايا الحكم سياسياً وأمنياً، وحيث ان محمد ناصيف لم يكن قد تـزوج بعد متفرغاً للاهتمام بباسل وبشار وماهر..، فإن كل خصوم نبيه بري نجحوا في الاقتراب من اولاد الرئيس وتحديداً باسل ثم ماهر بعد رحيل باسل، ليكونوا مراكز قوة داخل (أمل) ضد نبيه بري، ثم داخل الطائفة الشيعية لكسر مكانة ابو مصطفى، وفتح ابو وائل الباب واسعاً امام المدير العام للأمن العام السابق اللواء جميل السيد على المستوى الشيعي – اللبناني، بدءاً من تعيينه في موقعه المميز هذا امنياً وسياسياً وشعبياً، تمهيداً لجعله المنافس الاول للرئيس بري في رئاسة مجلس النواب.. والبعض كان يقول بل في رئاسة الجمهورية التي كان ناصيف وما زال يريدها للشيعة في لبنان في تعديل جذري للتركيبة اللبنانية.
اما في داخل حركة (امل)، فإن ناصيف بعد فشل تجربة المسكين حسن هاشم، اعتمد محمود ابو حمدان في البقاع ضد نبيه بري، وفتح له ابواب كل المؤسسات الخدماتية الرسمية لخدمة تصعيده في البقاع اولاً وصولاً الى كل حركة امل حيث اصبح له انصار ومؤيدون لخطواته بعد طرده من حركة امل قبل عدة سنوات، وكان قبلها نائباً معيناً و(منتخباً) ووزيراً ثابتاً في كل حكومة شكلها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكان ابو حمدان المشاغب الدائم ضد ثنائية الحريري – بري مضافاً الى مجموعة ناصيف الاخرى وضمنها من الطوائف الاخرى طلال ارسلان وسليمان فرنجية، وان كان الاخير محفوفاً برعاية الاسد وورثه عنه ابنه بشار بسبب التناسب العمري ايضاً.
كان ابو حمدان يردد: ((لقد جاء السوريون بنبيه بري، كي يكون لاجماً لطموحات رفيق الحريري، فإذا بالحريري يستتبع بري، ويجعله لاعباً لمصلحته)).
كان الغضب السوري (مجموعة محمد ناصيف) عارماً ضد الرئيس نبيه بري، بسبب علاقته بالرئيس الحريري ولم يكن يحميه من هذا الغضب الذي يذيق الأمرّين لمن ليس له ظهر داخل النظام السوري.. الا اعجاب حافظ الاسد نبيه بري، وتذوقه نثره طرباً وهو يمتدحه خطيباً من على مدرج جامعة دمشق، او داخل مجلس الشعب في مناسبات الذكرى التصحيحية التي قادها الأسد الأب يوم 16/11/1970، او البيعة رئيساً أوحد الى الجمهورية.. والى الابد، (رب غفرانك).
كان لنبيه بري مكانة خاصة في صدر حافظ الاسد، فهو على الصعيد الشخصي كان يستظرفه، حيث أدت الكيمياء دورها في اعجاب الاسد بأبي مصطفى. والكيمياء تكاد تكون اصل العلاقة الانسانية – السياسية عند اركان نظام حافظ الاسد بدءاً من رأسه.. فكلهم يبدأون الكلام عن أي سياسي في لبنان اعتباراً من هذه الكيمياء.. وهي إما ترسله الى الجحيم.. وإما تدخله الى النعيم.
وإلى جانب الكيمياء التي فتحت قلب حافظ الاسد لنبيه بري، يأتي دور بري السياسي المميز الذي سمح لنظام حافظ الاسد ان يعود الى لبنان، وبيروت خاصة، بعد ان سحب الاسد قواته المسلحة من لبنان لمنع احتكاكها مع العدو الصهيوني، الذي اجتاح لبنان صيف 1982، بعد ان طمأن مناحيم بيغن حافظ الاسد، بأن الجيش الصهيوني لن يتعرض للقوات السورية في لبنان وان هدفه الاوحد هو طرد قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
سحب حافظ الاسد قواته من لبنان صيف 1982، ولم يعدها اليه بعد انتخاب الرئيس الجميل اثر اغتيال شقيقه الرئيس المنتخب بشير الجميل يوم 14/9/1982، الا انتفاضة 6 شباط/فبراير، التي قادها رئيس حركة امل (ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط) عام 1984.. بعدها اصبحت عودة القوات السورية ممكنة، خاصة اثر المعارك الدامية التي جرت بين عناصر الحلف المعمد بالدم، أي امل والاشتراكي، فعادت القوات السورية عام 1987 بعد معارك عنيفة بين الحزب والحركة طيلة اعوام 1985 – 1986 –1987، كانت بداية بالنيابة عن سوريا ممثلة بحركة امل، وعن منظمة التحرير ممثلة بالحزب الاشتراكي وقد وسعت عباءته حتى شملت كل القوى العروبية المناوئة للنظام السوري.
بعد ذلك، كانت المعارك بالاصالة عن حركة امل وجمهورها الشيعي وسوريا، وبين منظمة التحرير الفلسطينية عبر ما سمي وقتها بحرب المخيمات.
كانت حرب المخيمات في شقها الآخر، سورية بامتياز لأنها سمحت لحافظ الاسد ان يعود الى لبنان والامساك به نهائياً، اثر اخراج اسرائيل لقوات منظمة التحرير الفلسطينية منه.. وهو الهدف الذي لأجله عقدت صفقة حافظ الاسد مع هنري كيسنجر عام 1974، والتي كان من بنودها الاساسية سماح اميركا واسرائيل لقوات الاسد بالدخول الى لبنان وفرض الوصاية عليه مقابل تصفية منظمة التحرير الفلسطينية عسكرياً وسياسياً.. وهذا لم ينجح الا بواسطة اسرائيل عسكرياً عام 1982، بعد ان حاول الاسد كثيراً.. دون نجاح يذكر بسبب تلاحم الشعبين اللبناني – الفلسطيني وقواهما الوطنية في وجه نظام حافظ الاسد.
الانتقال الى الهجوم
كانت هزيمة ايران في حربها ضد العراق التي استمرت ثماني سنوات، بسبب صمود الجيش العراقي بقيادة الرئيس الشهيد صدام حسين، الحافز الاهم لحافظ الاسد كي يعوض لحليفه الايراني هزيمته أمام العراق خصم الاسد الأول..
كان لبنان هو الساحة التي اختارها الاسد لتعويض الإمام الخميني الذي قبل القرار 598 كمن يتجرع السم، بوقف القتال مع العراق بعد طول مكابرة.
كانت المقاومة اللبنانية ضد العدو الصهيوني لتحرير الارض المحتلة منذ العام 1978 وطنية شاملة مع دور مميز لحركة امل بقيادة الشهيد داود داود في جبل عامل، وكان يومها رئيس الهيئة التنفيذية في حركة امل، وهو عملياً موقع الرجل الثاني في الحركة بعد رئيسها نبيه بري.
المقاومة الوطنية الشاملة ضد العدو والتي ضمت الى امل، الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي و(حزب الله) وحزب العمل الاشتراكي العربي وقوى ناصرية والحزب السوري القومي الاجتماعي.. لم تكن مطواعة لنظام حافظ الاسد، ولم تكن تنفذ عملياتها او توقفها بقرار ضباط الاستخبارات السورية – او الايرانية (عدا حزب الله والحزب السوري القومي).
اذن،
كان لا بد من تصفية هذا النوع من المقاومة الوطنية الشاملة ضد العدو الصهيوني، لأنها مستقلة القرار والارادة، والاكتفاء بمقاومة حزب الله الممسوك من الاستخبارات السورية – الايرانية.
كانت بداية التصفية ضد مقاومة حركة امل، وكان شعارها وطنياً مستقلاً، كانت حركة امل تريد تحرير جنوب لبنان حرباً او سلماً، وكان لدى لبنان سلاح مهم، اكثر فاعلية من البندقية وهو القرار الدولي 425، وكان الوعي الشيعي والوطني لدى امل قيادة وقادة وأطراً وجمهوراً هو المحرك السياسي لجعل هذا القرار سيفاً مسلطاً على رقبة العدو الصهيوني، وحين كانت بندقية امل تحصد جنود العدو الصهيوني المحتل، كان جمهور امل يتحرك بمئات الألوف في كل الجنوب للمطالبة بتطبيق القرار الدولي 425 لكشف اسرائيل امام المجتمع الدولي وجعلها في موقع الدفاع.
في تلك المرحلة بدأ الصدام بين امل الوطنية المستقلة الوفية لتراث الإمام المغيب موسى الصدر والإمام الحاضر محمد مهدي شمس الدين، وبين حزب الله الذي انشأته ايران بواسطة سفيرها في دمشق علي محتشمي كي تكون طهران على حدود فلسطين المحتلة للمقايضة بهذا الوجود مع اميركا لمنحها دوراً اقليمياً تسود به على العرب.
كانت امل تريد تحرير جنوب لبنان المحتل، وكان حزب الله مكلفاً من ايران وسوريا بتسليم ورقة الجنوب اللبناني واذا امكن فلسطين اليهما معاً.
| |
|
أبو طوني أسد الجنوب
عدد الرسائل : 576 العمر : 34 الموقع : الجنوب-النبطية تاريخ التسجيل : 06/05/2008
| موضوع: رد: الملف اللبناني بين نبيه بري ومحمد ناصيف الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:40 am | |
| خرجت جماهير الجنوب تطالب بتطبيق القرار 425 الذي يحرر جبل عامل من الاحتلال الصهيوني، وكان الخطاب السياسي والتحريضي لحزب الله يصف هذه الجماهير بأنها جماهير يزيدية (نسبة ليزيد بن معاوية) مع معادلة غريبة طرحتها ثقافة الحزب يومها وتقول: متى كانت الاكثرية على حق؟ (لاحظوا ان هذا الشعار ما زال مطروحاً حتى الآن ضد اغلبية الشعب اللبناني مع اضافة ان هذه الاكثرية هي اغلبية وهمية!!).
كان الصدام حتمياً وانتهى أول الامر بإخراج حزب الله من كل قرى الجنوب بواسطة جماهير امل بقيادة الشهيد داود داود في نيسان/ابريل عام 1988.
فكان لا بد من تصفيته..
استدعاه العميد - يومها - غازي كنعان لمقابلته في عنجر فرد داود بالحرف ((اذا اراد غازي كنعان رؤيتي فأهلاً وسهلاً به في صور)).
لكن داود الذي نجح في الافلات من كمائن العدو الصهيوني الذي سعى لاعتقاله او اغتياله عدة مرات، سقط في كمين في منطقة الاوزاعي شهيداً على بعد امتار من حاجز عسكري للجيش السوري في المنطقة ورفيقيه محمود فقيه وحسن سبيتي.
وبدأت بعدها الحملة المضادة لحزب الله بدعم من الاستخبارات السورية – الايرانية لتعويض هذه الجبهة خسارة الحرب ضد العراق.. تماماً مثلما كانت تصفيات الضاحية الجنوبية التي يقوم بها حزب الله ضد حركة امل تعويضاً لخسارة ايران معاركها على الجبهة العراقية – الايرانية. (قال يومها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبدالامير قبلان: ان الايرانيين يريدون احتلال الضاحية الجنوبية من بيروت، تعويضاً لهم عن خسارتهم (الفاو) في العراق).
تصفية المقاومة الوطنية
بعد استشهاد داود، وإخلاء الضاحية الجنوبية (عدا الشياح) وبالقوة من حركة امل، جاء دور الجنوب، وتحديداً قرى اقليم التفاح، فصعدت قوى حزب الله اليه من البقاع لتعذر اقتحامه من منطقة الزهراني المقفلة لحركة امل، ومرت امدادات حزب الله من البقاع تحت سمع وبصر القوات السورية والاسرائيلية معاً.
سيطر حزب الله على اقليم التفاح بواسطة امدادات البقاع، كما بواسطة خديعة رأس السنة 1988 حين كانت عناصر الحزب في قرى الاقليم المؤيدة لأمل منتصف ليل رأس السنة عامي 87 – 88 تنادي مقاتلي امل في هذه القرى بأن عدواناً صهيونياً يحصل، لاستدراج مقاتلي امل لمواجهة الجيش الصهيوني، ولم يكن في حقيقة الامر الا كمائن نصبت لهؤلاء المقاتلين ليخرجوا من منازلهم حاملين اسلحتهم ليقابلوا رصاص حزب الله يحصدهم بالعشرات حتى سيطر الحزب على هذه القرى.
اما الاحزاب الاخرى فقد انكفأت امام جحافل حزب الله او تعليمات الاستخبارات السورية خاصة لمقاتلي الحزب السوري كي ينسحبوا من المقاومة ضد اسرائيل وتركها لمقاتلي حزب الله وحده..
الشيوعيون الذين رفضوا الانصياع لأوامر الاستخبارات السورية بوقف المقاومة ضد اسرائيل، دفعوا الثمن غالياً بتصفيات قياداتهم في بيروت وخاصة المفكرين مهدي عامل (حسن حمدان) وحسين مروة فضلاً عن تصفية قيادات اخرى (خليل نعوس، سهيل الطويلة)..
فرغت الساحة لحزب الله بالمقاومة بقرار سوري – ايراني وبالقوة، تراجعت الاحزاب وخسرت امل راية المقاومة بقرار سوري في عهد حافظ الاسد..
فلما سعى الرئيس نبيه بري لاستعادة راية المقاومة في عهد بشار الاسد، وبدأ نجله عبدالله المتحمس اعداد العدة لذلك، بالتعبئة الجماهيرية داخل امل وقرى الجنوب ذات الولاء الاكيد لحركة امل، صد بشار الرئيس بري معنفاً، بأن لا بندقية في الجنوب الا بندقية حزب الله!.
بشار لا يحب نبيه بري.
وكان صد بشار لبري، مرتبطاً بخطة سورية لاخراج نبيه بري من حركة امل، او اضعافه وتسليم الحركة للمجموعات المرتبطة بمحمد ناصيف وعلى رأسها محمود ابو حمدان.. مع حملة بخ لمخبري جميل السيد في الصفحات الثانية في الصحف اللبنانية.
كان المخطط السوري متعدد الابعاد ضد نبيه بري:
*البعد الاول: هو معاقبة بري على علاقته برفيق الحريري.
*البعد الثاني: هو اضعافه داخل حركة امل بتصعيد خصومه المرتبطين بالاستخبارات السورية.. فضلاً عن زرع مكتبه في عين التينة بمخبرين للنظام السوري يتولون مناصب داخل حركة امل.
*البعد الثالث: هو اضعاف حركة امل نفسها، وفي هذا البعد شقان:
الشق الاول: جماهيري لمصلحة حزب الله في التمثيل السياسي البلدي والاختياري تحديداً.
الشق الثاني: سياسي لمصلحة تصعيد جميل السيد المرتبط مباشرة بماهر الاسد، والذي بات عند النظام السوري هو الرجل الأول لهم في لبنان، متجاوزاً رستم غزالة وإميل لحود، وكل أجهزة الاستخبارات الأخرى، فهو رجل المستقبل الذي يرى فيه ماهر الأسد (متأثراً بمحمد ناصيف) رئيس جمهورية لبنان المقبل الذي سيطلب الوحدة مع سوريا، فينتهي لبنان محافظة سورية رسمياً، بدل أن يظل محافظة مستترة كما هو الآن في عهد إميل لحود.
كانت الانتخابات البلدية – الاختيارية في لبنان فرصة سورية للانتقام من نبيه بري، والتخلص من جماهيرية حركة أمل، وعمل الثنائي جميل السيد، رستم غزالة أمنياً وبالقوة على إسقاط مرشحي حركة أمل في منطقة البقاع بالكامل.
كان غزالة يستدعي مرشحي أمل ليطلب منهم الانسحاب أو الانكفاء من الحركة والدعاية حتى يطلقوا العنان لمرشحي الحزب بالفوز الكاسح.. وهذا ما حصل في البقاع.
وفي الجنوب استردت حركة أمل أنفاسها وأثبتت وجودها في كثير من قراها، أما البلدات المواجهة للعدو الصهيوني فإن حزب الله عمل المستحيل وصرف الملايين كي يسيطر عليها، كي ينفرد بها في التحرك وحفر الانفاق وتكديس الأسلحة الذي ظهرت آثاره خلال العدوان الصهيوني يوم 12/7/2006 بعد خطف الجنديين الصهيونيين.
استشهاد رفيق الحريري
كان أول تعليق لنبيه بري بعد استشهاد رفيق الحريري يوم 14/2/2005.. راح البلد.
والنبيه صاحب أكثر الشعارات تعبيراً وهو يطلقها عفوية لم يغب عن منـزل الشهيد منذ أدرك أبعاد هذا الاغتيال لحظتها، في حين امتنع آخرون شماتة أو خوفاً أو التزاماً بقرار من الاستخبارات السورية في دمشق.. عن مجرد التعزية برفيق الحريري.
لم يكن حضور بري لينـزل برداً وسلاماً على قلب بشار الأسد، ووجد في حرص بري على وحدة المسلمين وحزنه الحقيقي على الحريري إضافة كي يزيد حقده عليه.. وان كانت أولويات حقد بشار انصرفت إلى آخرين.. فبدأت سلسلة الاغتيالات ضد قيادات لبنان الوطنية.. مما دفع بري لأن يفرض حراسة مشددة كانت تزداد حصانة مع كل خبرية تأتيه من دمشق ومن قصر المهاجرين تحديداً، بأن صدري بشار وماهر يغليان حقداً ضد أبي مصطفى، الذي قلل من تحركاته ولم يعد يغادر منـزله الرئاسي إلا إلى سفر أو حالة طارئة جداً.. فاسمه على رأس لائحة الاغتيالات التي أعدها نظام الأسد للتخلص من قيادات أساسية في لبنان وزرع فتنة مذهبية في هذا الوطن، علّها تفتح الباب لعودة وصايته الكريهة عليه.
لم يغفر الأسد لنبيه بري تعاون المجلس النيابي تحت قيادته مع حكومة فؤاد السنيورة، ولا مع الأكثرية النيابية والسياسية ممثلة بتحالف قوى 14 آذار/مارس وتحديداً سعد الحريري، وليد جنبلاط، أمين الجميل وسمير جعجع.. حيث كان إطلاق سراح جعجع من خلال قانون في مجلس النواب أمراً سجله الأسد على بري دون الآخرين، فكان الرد السوري سريعاً باستدعاء ميشال عون من الخارج في صفقة بات الجميع يعرف محتواها، وهي ان نظام دمشق مستعد للعمل على وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، مقابل أن يساعده على الثأر من سمير جعجع.. وما زال مفعول الصفقة سارياً حتى الآن.
عدوان تموز/يوليو 2006
كان خروج حزب الله من عدوان تموز/يوليو 2006 الصهيوني اثر خطفه الجنديين الإسرائيليين داخل الخط الأزرق، بالصورة الميدانية التي أكسبته شعبية شيعية وعربية مفصلاً في الوضع السياسي للرئيس نبيه بري، ذلك ان السيد حسن نصرالله خطف الأضواء في تلك المرحلة خاصة مع تداعيات الصورة السلبية للعدو الصهيوني داخلياً وعربياً.
وكلما نجح السيد نصرالله في إشعال الغريزة المذهبية عند الشيعة، كان موقع بري يتراجع شيعياً، وبالعكس كلما كان موقع نصرالله الوطني يتراجع كان موقع بري يسطع وطنياً.
هذه الحالة دفعت بري لأن يعيد الانسجام مع جمهوره الشيعي الذي كان نصرالله يخطفه نحو حالات لم يكن فيها الشيعي اللبناني ليعرفها قبل ثقافة حزب الله الفارسية:
الحالة الأولى: هذه هي أول مرة في تاريخ لبنان، يطرح فيها ان الشيعة مهددون بالترحيل من لبنان وكان هذا أغرب استخدام ديماغوجي مارسه نصرالله لاستفزاز الشيعة وتخويفهم.
الحالة الثانية: صعّد حزب الله وإعلامه الخوف من اللبناني الآخر والمسلم الآخر عند الشيعة، إلى أقصى وأقسى حالة يمكن لمجموعة مذهبية أن تعيشها وتسمعها، في الخطاب السياسي والثقافة اليومية والاعلام المرئي والمسموع وعبر الحسينيات والمهرجانات حتى تركت آثاراً سلبية سيصعب محوها من النفوس خاصة في الأجيال الحالية.
الحالة الثالثة: ان حزب الله وعد الشيعة – رغم التخويف بالترحيل، بأنهم سيحكمون لبنان، إذا ساروا خلف توجيهات الحزب، وان معركته الحالية ضد المسلمين الآخرين والمسيحيين بعد معركة الصيف العسكرية ضد إسرائيل، هي الفاصلة والأخيرة للسيطرة على السلطة في لبنان.
الحالة الرابعة: ان حزب الله نجح في اقناع قسم كبير من الشيعة اللبنانيين انهم مستهدفون من مؤامرة لبنانية ينفذها مسلمون سنة ومسيحيون، خدمة لاسرائيل واميركا وفرنسا والسعودية ومصر والاردن.. مما جعلهم في حالة استنفار دائم فرضت نفسها على نبيه بري الذي يجيد الاستماع الى نبض الناس..ثم يسبقها الى التعبير.
الى جانب التخوين السوري والتخويف الاستخباراتي السوري ايضاً ضد نبيه بري، فإن هذه الحالات التي فرضها حزب الله وأمينه العام على المزاج الشيعي ألزموا نبيه بري بالوقوع في موقع الدفاع، وبات مطالباً بأن يثبت شيعيته، فبدأ بالاقتراب حتى الاندماج مع حزب الله وسياسته، والابتعاد ليس عن الاكثرية النيابية والشعبية التي تمثل كل الطوائف في لبنان بما فيها اقلية شيعية بل وفقدان دوره كحكم بين اللبنانيين في غياب أي دور او وجود او حضور او اثر لرئيس الجمهورية المفروض قسراً على اللبنانيين اميل لحود، فعطل مجلس النواب وهو المرجع الوحيد المؤهل دستورياً للمحافظة على الصيغة التي ارتضاها اللبنانيون للعيش في وطن واحد.
حال الرئيس بري بسبب تعطيله مجلس النواب لمصلحة الاقلية التي ذهب اليها برجليه حتى لا ينفرد نصر الله بالطائفة الشيعية، دون النظر الى لبنان كوطن واحد، بل واعاده الى حالة المقاطعات التي تبحث كيفية تكوين الوطن من جديد.. وقد لا يتكون، او قد يكون في صورة جديدة غير تلك التي عرفها العالم عنه، غير تلك التي احبها العرب، غير تلك التي ارادها اللبنانيون الاوائل او طمحت اليه الاجيال المتعاقبة ودفعت على طريقها الاثمان العالية.
عطّل بري مجلس النواب وفي ظنه انه يمنع تداعيات استخدام الاكثرية داخله لحقها في ممارسة الديموقراطية، وكانت حجة بري ان المسألة تتجاوز الديموقراطية الى الميثاقية.
نعم،
نبيه بري رجل ميثاقي، ولبنان عنده وطن نهائي، وهو بالتوكيد ضد الاغتيالات السياسية (وهو ما زال عرضة لها).
لكن الرئيس بري يضع مع الميثاقية شرط الرضى السوري الذي لن يأتي الا في احدى هذه الحالات:
1- الحالة الاولى: هي عودة وصاية النظام السوري الكريهة على لبنان، والرئيس بري يعرف ان الشيعة والمسلمين عموماً هم اكثر الناس عداء لهذه الوصاية لانهم كانوا اكثر المتضررين من ممارساتها القمعية والاستعلائية وسرقة لقمة عيش الشيعة واللبنانيين حيث كان انتشار الجيش السوري واستخباراته في مدن وقرى واحياء المسلمين وشوارعهم فقط..
2- الحالة الثانية: تصفية كل من تحدث بحق عن ممارسات هذا النظام في لبنان ضد المؤسسات والقيادات ومصالح شعب لبنان ومكانة هذا الوطن ودوره وحقه في الحرية والسيادة والاستقلال..
3- موافقة اميركا وفرنسا والعالم كله على عودة سيطرة نظام الاسد الابن بعد الاب على لبنان.
وهذه الحالات الثلاث لا يستطيع بري تحملها او المسؤولية عنها وهو لا يملك ايضاً اقرارها ولا بالتالي وضعها شرطاً كي يستعيد دوره حكماً بين اللبنانيين.
اما ان يراهن الرئيس بري على حوار سعودي – سوري (اس اس) لانقاذ لبنان، ففي الامر دعم مسبق لنظام بشار الاسد.
لماذا؟
لأن المملكة العربية السعودية ومليكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبعد ان اعطى بشار الاسد كل الفرص، وحماه، ودفع ابن السعودية وصديقها سعد الحريري كي يوقف شرط تطبيع العلاقات مع سوريا بظهور نتائج التحقيق الدولي في جريمة اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. لم يجد من بشار الاسد الا الخداع والتحايل وافلات العنان لاجهزته بالقتل والاغتيالات والتفجيرات في لبنان.
لم يأخذ الرئيس بري بطلب الحوار السوري – السعودي واشتراطه لحل ازمة لبنان، ان سوريا لها مطامع غير مشروعة ابداً في لبنان، وهو يعرف ذلك ويعرف ايضاً ان لا مطامع من أي نوع للسعودية في لبنان.
وان السعودية صديقة كل اللبنانيين تريد لهم الوحدة والاستقرار والسلام، بينما يحرض بشار الاسد اللبنانيين على بعضهم، وهو يرى ان اكثرية اللبنانيين شعباً وحكومة ومؤسسات ونواباً واحزاباً وشخصيات.. هم منتج اسرائيلي.
كان الاحرى بالرئيس نبيه بري ان يسعى لان يصحح بشار الاسد سلوكه تجاه لبنان، وان يقتنع بشار الاسد بأن لبنان وطن نهائي للبنانيين مثلما اقتنع الشيعة منذ زمن طويل بذلك من كل قياداته العائلية السابقة كآل الاسعد وآل الزين وآل الخليل وآل عسيران وآل شرف الدين والامين وصفي الدين وآل حماده وآل شرارة.. وصولاً الى الإمام موسى الصدر والإمام محمد مهدي شمس الدين وحركة امل ونبيه بري.
لا ذنب للبنانيين وللشيعة تحديداً اذا كان بشار الاسد يعيش عقدة ذنب كيف خسر لبنان بسبب سياسته وسلوكه المخيف، ويريد استعادته بكل الوسائل وفي مقدمها هذا السلوك المخيف والمرعب حتى على حساب وحدة اللبنانيين والشيعة والمسلمين تحديداً..
كان الاحرى بالرئيس نبيه بري ان ينتـزع من بشار الاسد او من السيد حسن نصر الله موقفاً اخلاقياً من قضية المحكمة الدولية، ليس فقط وفاء لدماء صديقه رفيق الحريري ورفاقه، وليس فقط عقاباً للمجرم الذي ارتكب هذه الجرائم بل حفظاً لدماء بقية اللبنانيين.. والرئيس بري يعرف ان اسمه ما زال على لائحة الاغتيالات التي اعدتها اجهزة استخبارات بشار الاسد ضد اللبنانيين المستقلين.
هل يستطيع بري ان يضمن الا يقدم نظام بشار الاسد على قتل احد من اللبنانيين اذا جرى اسقاط او تأجيل المحكمة الدولية؟ بل هل يضمن بري الا يقر مجلس الامن الدولي المحكمة الدولية وفق البند السابع اذا عجز مجلس النواب عن اقرارها او اجلها اكراماً لعيون بشار الاسد او حرصاً على الروح الميثاقية التي يريدها بري كما الاكثرية النيابية؟
ترى ما هو شعور الرئيس نبيه بري وهو يلاحظ بأن الذين تهددهم اسرائيل بالقتل يصولون ويجولون في لبنان بحرية كاملة.. بينما يتلطى الذين تريد استخبارات بشار الاسد قتلهم من مكان الى آخر يتحركون في الظلام ولا يرون نور الشوارع ويزورون بيوت الناس، ولا يلتقون عائلاتهم الا خارج لبنان، ويحمل كل منهم دمه على كفه كيفما تحرك وسار وتحدث وعبّر؟
ثم
لماذا يفترض الرئيس بري ان الميثاقية والتوافق لا يحصلان الا حين تخضع الاكثرية لمنطق الاقلية، بينما اذا خضعت الاقلية لمنطق الاكثرية يصبح الامر خروجاً عن الميثاقية والتوافق؟
وأخيراً،
كان نبيه بري وما زال زعيماً يقود الجماهير، ولا ينقاد لها، يخاطبها بمصالحها، ولم يخاطبها يوماً بغرائزها، وهو صاحب قول شهير وفعل اشهر ترجمه مراراً خلال ربع قرن من الزمان.. ويحتاج الآن لاستعادته ويقول:
الشيعة عبر الزمان.. اذا تركت لهم امر المشاورة أعجزوك عن عمل شيء.. وعليك ان تبادر وتتخذ الموقف وتشهره سلاحاً وتتقدمهم ليتبعوك.
هكذا نجح بري خلال ربع قرن وصار زعيماً اوحد للشيعة، فصار زعيماً وطنياً ميثاقياً توافقياً، ومن غير المقبول ان يتراجع بري او يتوقف او يغمد هذا السلاح في ربع الساعة الاخير.
نبيه بري يقود.. ولا يقاد.
حسن صبرا
الشراع | |
|