أبو طوني أسد الجنوب
عدد الرسائل : 576 العمر : 34 الموقع : الجنوب-النبطية تاريخ التسجيل : 06/05/2008
| موضوع: تابع كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر (بتاريخ: 13/9/1974) الخميس سبتمبر 25, 2008 4:58 am | |
|
عود الى البدء: مرّ ربع قرن من عهد الإستقلال وفي إطار النظام الطائفي الديمقراطي، وأعيد النظر في الوضع الإجتماعي والسياسي والثقافي من قِبل بعض أهل الرأي من أبناء الطائفة الإسلامية الشيعية، وكانت النتائج تؤكد أنّ التفاوت بين أبناء وطن واحد قد ازداد، وأنّ العدالة لم تزل حلماً يدغدغ الخيال. فقالوا: إنّ السبب هو غياب الطائفة عن مسرح الأحداث وعن مائدة الخيرات والوظائف والموازنات! وقالوا: إنّ النواب يمثّلون مناطقهم رغم انتخابهم الطائفي، والمناطق اللبنانية مختلطة، وإنّ النواب يمثّلون بعد الإنتخاب الوطن كله في النظام البرلماني. وقالوا: إنّ الطوائف الأخرى كلٌ منها تتمثل بمجلس مركزي أعلى يمثلها، وإنّ الشيعة بحاجة الى مجلس أعلى لكي تعالج هذا التصنيف الطائفي. وقالوا: إنّ الذين كانوا ينادون بتأسيس مثل هذه المؤسسة كانوا على حق. وبعد بحث طويل وصراع مرير، ورفض الطوائف الشقيقة عروض تأسيس مجلس واحد مشترك، وُلد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بعد مخاض عسير سنة 1969 وفي 17 أيار. وعانى، منذ ولادته، الصعوبات من الداخل واتهامات من الخارج، وظروفاً وطنية لا ننساها، راجياً عدم عودتها، بقي البلد سبعة أشهر بدون وزارة. وُلد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مبتور الصلاحيات، فاقد الموازنة، مطعوناً في نظامه الداخلي، مجمّد الصلاحيات حتى اليوم في أدراج مجلس النواب، وهو لم يزل في طور التأسيس يشق طريقه المجهول بصعوبة، يعوّد نفسه وطائفته على الإقتناع بوجوده، وببقائه، وبأبعاد صلاحياته، مكتوف اليدين، لا يمكنه أن يتصرف في الأوقاف ولا في الشؤون الدينية ورجالها، تعصف به الرياح من هنا وهناك وهنالك، يحس بتناقضات ومطامع من الداخل وبالإغراءات والإضطهاد من الخارج. مع ذلك كله "والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، إستمر في الجهد والبناء والإحصاء والتجول والتحرك، وقد سمعتم في تقرير الأمين العام بعضاً من نشاطاته، حتى يمكننا القول إنه نجح متحدياً في حقول أربعة من واجباته الخمسة، وهي تنسيق جزئي لطاقات أبنائه. تنظيم لعلاقات الطائفة مع الطوائف الشقيقة اللبنانية، تصحيح علاقات الطائفة مع أبنائها في الخارج، والمساهمة الذاتية في رفع مستوى أبنائه في ميادين الثقافة والتربية وتعليم المهن وإبراز وجهها الحقيقي للمواطنين وللعالم وفي المشاركات الوطنية والقومية. أما في حقل حقوق الطائفة في الوظائف والمناطق، فعلى الرغم من أنّ الدراسات والإحصاءات أكدت مزيداً من الحرمان المعروف. وعلى الرغم من جهد سنوات أربع في الدراسة، والمطالبة، والإصرار، والمقابلات، والوعود، والإعترافات، والمحاضرات، وتشكيل لجان المتابعة وغيرها. على الرغم من كل ذلك لم يتمكن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى - بهذه الوسائل - من أن يخطي خطوة واحدة في سبيل تحسين الوضع، رغم أنّ هذه المهمة هي أولى مهماته، وأنها الغاية الأصلية من وجوده. لم يتمكن مجلسنا من العمل – باستثناء ما سمعتم من الإضراب المؤدي الى تأسيس مجلس الجنوب، والذي استعمل فيه الأسلوب الآخر – ونتيجة عدم تمكنه بدأ اليأس يطغى على أبناء الطائفة، وبدأ يذوب المجلس ويتجمد، وكان معرّضاً لأن يصبح مؤسسة شكلية تزيّن مجالس الحكام وتكمل زينة البلاد والطقوس الفارغة التي تخدّر أحياناً وتغضب المحرومين دائماً. وفي بداية السنة الخامسة من عمر المجلس، أي في أيار 1973، وبعد مرور تجربة فاشلة عمرها أربع سنوات، وبعد اقتناع أعضاء المجلس ورئيسه، واقتناع الطائفة، بعدم نجاح المطالبة والإلحاح والمقابلات والإحصاءات ومناشدة الضمائر، وتحت ضغط من الإيمان والضمير ونداء من الوطن ومطالبة من المحرومين، ولدت حركة المطالبة بأسلوبها الجديد، تلك الحركة التي نعيش اليوم مراحلها الحاسمة الفاصلة، والتي كانت في الأساس حركة المطالبة بحقوق أبناء الطائفة في الوظائف، وبعمران المناطق التي يقطنها أكثرية أبنائها، ثم تحولت الى حركة المطالبة بحقوق المحرومين. إنّ هذه الحركة بدأت في الجلسة التاريخية التي انعقدت للهيئتين الشرعية والتنفيذية في 22 حزيران 1973، ووضعت فيها الوثيقة المشهورة التي بموجبها التزمت الأكثرية الساحقة من نواب الطائفة بالتخلي عن الحكومة إذا لم تتحقق مطالب الطائفة خلال أربعة أشهر من تاريخ نيل الثقة. وكان من الواضح أنّ هذا الأسلوب السياسي إذا تم فسيضع حداً قاطعاً للمشكلة، حيث إنّ الحكم في لبنان مشاركة، ولا حكومة دون اشتراك الشيعة فيها، وإنّ كل حكومة تسقط إذا سحب نواب الشيعة ثقتهم منها. ولكن الخطة السياسية هذه أُجّلت أو تعثرت، لأسباب معروفة، فلم يبقَ أمامنا إلاّ أسلوب المطالبة الضاغط، ولو استدعى ذلك بعض العنف فعدنا الى العاشوراء، وقد كان شباط 1974 يصادف عاشوراء 1393، واجتمعنا في جلسة أخرى يوم 8 شباط 1974، حيث وضعت تفاصيل المطالب وهي: 1- في حقل الوظائف العامة: وعلى أساس من العدالة التي يؤكدها الدستور اللبناني، نجد أنّ الطائفة الشيعية تشغل في الوقت الحاضر، وفي الفئة الأولى، على سبيل المثال، تسعة عشر مركزاً من أصل استحقاقها البالغ ثلاثين مركزاً. هذا مع العلم أنّ الطائفة محرومة من أي مركز في الوظائف العليا الإدارية والقضائية، بالإضافة الى الحيف اللاحق بها في مراكز الجيش وقوى الأمن الداخلي، فضلاً عن رؤساء كل مجلس إدارات الدولة. إنّ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يطالب بإنصاف الطائفة الشيعية بشكل سريع، عن طريق تعيين أصحاب الكفاءات من أبناء هذه الطائفة في أحد عشر مركزاً من مراكز الفئة الأولى. 2- بالنسبة الى نوعية المراكز، يرفض المجلس تصنيف المواطنين طائفياً، ويؤكد بقوة مطالب القائلين برفض طائفية الوظيفة، وضرورة تبادلها بين أبناء مختلف الطوائف، حسب كفاءاتهم. 3- إنّ مسألة الدفاع عن حدود الوطن وعن سلامة المواطنين في أرجاء البلاد، هي المسؤولية الأولى للسلطات. وفي هذا الحقل يحتج المجلس على إهمال قضية الدفاع عن جنوب لبنان، ولا يمكنه القبول بأعذار ومبررات غير صحيحة أو غير كافية. 4- إنّ الألوف من المواطنين في مناطق بعلبك – الهرمل، وفي الشمال وفي مناطق أخرى، لا يملكون بطاقة هوية لبنانية، وبالتالي يُحرمون من كافة الحقوق المواطنية. إنّ هؤلاء لا يمكن التشكيك في لبنانيتهم ولا في ولائهم الوطني، ولكن ظروفهم الحياتية وسكناهم في مناطق نائية جعلتهم من المكتومين والمعلّقين. 5- في حقل الإنماء: يؤكد المجلس على ضرورة تنفيذ مشاريع إنمائية في المناطق المحرومة والمتخلفة، وذلك عن طريق قوانين برامج، ولحظ اعتمادات في الموازنة العامة، لكي تصبح المناطق اللبنانية متقاربة المستوى، ويطالب المجلس في هذا المجال بتحقيق ما يلي: - تنفيذ مشروع ري الجنوب من مياه الليطاني، وذلك بإنهاء الجدل حول منسوب المياه، واعتماد الدراسات الدقيقة التي وُضعت بهذا الخصوص. - إصدار التشريعات اللازمة لتأمين اعتمادات التنفيذ. - وإلغاء جرّ مياه الليطاني الى مدينة بيروت، والإستعاضة عنها بمياه نهر بيروت ونهر إبراهيم. - واعتبار مشروع الليطاني مشروعاً وطنياً واجتماعياً الى جانب كونه ذا صفة إقتصادية. 6- تنفيذ المشروع الجاهز للبحيرات الإصطناعية الذي يروي الأراضي الواقعة في قضاءي صور وبنت جبيل (مثلث يارين – كفرا – يارون) والتي لن تستفيد من مشروع الليطاني. 7- تنفيذ مشروع القاع – الهرمل في مرحلته الأولى من الإعتمادات المرصدة منذ عام 1962، وإصدار التشريع اللازم لتأمين الإعتمادات اللازمة لإنهاء شبكات الري في المرحلة الأولى وضخ المياه في المرحلة الثانية، بحيث يتم تأمين ري سبعة آلاف هكتار. إنهاء عمليات الضم والفرز، بحيث تنتهي مع نهاية تنفيذ المشروع للتمكن من الإفادة بصورة صحيحة. 8- لحظ الإعتمادات اللازمة لإنشاء الخزان الواجب تنفيذه في بحيرة اليمّونة القديمة لتأمين ري أربعة آلاف هكتار إضافية، مع ما يلزم من اعتمادات، لإتمام شبكات الري في الأراضي الواقعة بين دير الأحمر – الكنيسة حتى شمسطار. 9- تنفيذ مشروع إنشاء السدود في نحلة – وادي سباط – جنتا – يحفوفا – شمسطار، ومشروع ري سهل بعلبك من مياه رأس العين، وري الأراضي من حوش تل صفية وإيعات – مياه نبع عدوس ومشروع منخفض عيحا، ومشروع ري مرجحين – جباب الحمر من عيون أرغش ومشروع مياه اللبوة، وتقويم مجرى الليطاني في أراضي حوش الرافقة – بدنايل – تمنين، وتزويد مدينة بعلبك بمياه نبع البغل ونبع اللجوج. 10- إعطاء الأولوية في إنشاء المدارس الرسمية والمهنية ودُور المعلمين والمعلمات في الجنوب والبقاع وعكار وعدم اللجوء الى تمرير المشاريع المدرسية في المناطق المتقدمة تدريجياً، كما هو الحال الآن. 11- إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في المناطق المحرومة، وتحسين وضع مستشفى الهرمل، وتخصيص الأموال الموجودة في مصلحة التعمير لإنشاء شبكات المجارير في تلك المناطق، وذلك بموجب قوانين نافذة تمنع التصرف الكيفي بأموال مصلحة التعمير. 12- تنفيذ مشروع أوتوستراد بيروت – صيدا – صور وأوتوستراد بيروت – شتورا – بعلبك – الحدود السورية، وتنفيذ مشروع طرق القرى المحرومة. 13- تصحيح أوضاع مزارعي التبغ وإنهاء المأساة. 14- زيادة اعتمادات المشروع الأخضر، ووضع قانون لإعطاء الأولوية للمناطق المحرومة. 15- إنماء الثروة الحيوانية، وتعميم المشاتل الزراعية، وتصنيع الزراعة، وإنشاء مصانع لتأمين تصريف المنتوجات الزراعية بعد تصنيعها. 16- رصد الإعتمادات اللازمة لإنهاء التنقيب عن الآثار في مدينتي بعلبك وصور خلال مدة عشر سنوات، وإنشاء فندق سياحي في بعلبك مع مشاريع سياحية في كافة المناطق الأثرية. 17- دراسة شاملة للمناجم في مختلف المناطق اللبنانية، وبصورة خاصة النفط الذي تؤكد الدراسات وجوده في لبنان. 18- تصحيح قانون توزيع أموال البلديات، بحيث يؤمّن العدالة والإزدهار لمختلف البلاد اللبنانية. 19- قانون عفو عام عن مخالفات البناء، كي يتمكن سكان ضواحي بيروت وغيرهم من الإستفادة من المياه والكهرباء. 20- تصحيح أوضاع ضواحي بيروت، وبصورة خاصة الكرنتينا، والنهر، وحي السلّم، وبرج حمود، وتل الزعتر وبرج البراجنة.
أيها الإخوة الزملاء: لقد بدأنا الحركة بهذا الأسلوب لأننا نؤمن بلبنان وطناً عزيزاً يجب علينا صيانته ومنعه من الإنفجار، ونعرف أنّ التصنيف والظلم قضيا على بلاد كثيرة في أيامنا، ولا نريد أن نرى وطننا ممزقاً منفجراً من الداخل. ولأننا نؤمن بكرامة الإنسان، وإنّ إنسان لبنان هو أكبر رأسماله. ولأننا قمنا بتجربة طويلة مريرة كانت الخيبة، والإستهزاء، والإهمال، وخلق الفتن والتناقضات، بعض نتائجها. ولأننا نريد أن يبقى لبنان وطناً لجميع أبنائه، وأن يبقى جميع أبنائه له، وأنّ هذا الهدف لا يتحقق بوجه من الوجوه مع الأوضاع التي سادت منذ الإستقلال واستمرت حتى اليوم. ولأننا أقسمنا اليمين أربع مرات بألاّ نهدأ طالما يوجد في لبنان محروم، شيعياً كان أو غير شيعي، وطالما توجد في لبنان منطقة محرومة.
| |
|
أبو طوني أسد الجنوب
عدد الرسائل : 576 العمر : 34 الموقع : الجنوب-النبطية تاريخ التسجيل : 06/05/2008
| موضوع: رد: تابع كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر (بتاريخ: 13/9/1974) الخميس سبتمبر 25, 2008 4:59 am | |
| لقد بدأنا الحركة بهذا الأسلوب الضاغط منذ ثمانية أشهر، وتصرفنا خلال التظاهرات الصاخبة في حضور عشرات الألوف من الجماهير الغاضبة، وفي مناسبات مختلفة، تصرفنا في حكمة ومرونة وحزم ودقة، وما قطعنا طلب الحوار لحظة واحدة، ولا سحبنا يد التعاون ولا أغمضنا عين الواقعية خلال هذه المرحلة كلها. لقد راعينا ظروف لبنان وأوضاع المنطقة، ولبينا النداء لدى كل محنة، ولم نطلب المعجزات ولا تحقيق المستحيلات، ولا أردنا مكاسب على حساب الآخرين. لقد آمنا بأنّ الوطن حق وواجب، ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وأنّ الحق من دون واجب صفة للمزرعة (لا في عصرنا)، وأنّ الواجب من دون حق إستعمار محض، وكلا الأمرين مرفوض. هذه قناعاتي وقناعات أكثرية زملائي أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الذين شرفتموهم وإياي بانتخابكم لنا وتسليم أمانتكم إلينا. ويحزنني أن أبلغكم أنّ النتائج كانت حتى الآن مؤلمة. لقد حاولوا أن يتنصلوا من المسؤولية، ويعتبروا أنّ الخلاف داخل الطائفة، وأنّ الصراع سياسي محض وعلى الزعامة، مع العلم أنّ عهد الزعامات قد ولّى من دون رجعة، وأنّ اليوم عصر القيادات العاملة، أي عصر خدّام الشعب ومصالح الشعب واحدة لا تتناقض أبداً. ثم حاولوا أن يفسروا التحرك بأنّ دافعه هو طموحي المزعج الى رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وأنني مضطرب من بداية نهايتي. واسمحوا لي أيها الأعزاء أن أؤكد لكم في تواضع العزة وفي عزة المؤمن، أنّ رئاسة المجلس لي هي تعب، وسهر، ودموع، وقلق، وخطر دائم، وانصراف عن صحتي وعن رؤية أولادي، وابتعاد عن بيتي وعن اختصاصي ودراستي وزملائي. وأن أؤكد لكم مرة أخرى أني أعدّ الأيام والساعات لكي أستقبل في شوق وحرارة تلك اليد الأمينة التي ستتسلم مقدّرات هذه المؤسسة. وأن أعيد الى ذاكرتهم القليلة أني كنت من مؤسسي المجلس وصانعيه، ولست مصنوعاً من رئاسة المجلس ولا مخلوقاً منها. وأن أقول لهم أخيراً: إنّ الأسباب الموجبة التي أعددتها لهذه الحركة، وهي إيماني بالله وبلبنان وبالإنسان، والتزامي بالقَسَم، هذه الأسباب تلاحقني أينما كنت وفي أي زاوية عشت، فلا خلاص مني ولا مناص إلاّ بالموت أو العجز. ثم جاء في كل أسف رفض الحكومة المسؤولة، تلك الحكومة التي كنا نعلّق الآمال عليها، للظروف التي أتت بها، ولمشاركتنا الجزئية في تسمية رئيسها. لقد رفضت الحكومة، صراحة وغير مباشرة، أي حوار، ومنعت تسهيل الأمر للجان الجيش، هذه المؤسسة الوطنية غير السياسية التي كُلّفت وتطوعت مشكورة لدراسة المطالب وإعطاء الرأي فيها، وسعت سعيها حثيثاً في تمييع المطالب وتشويهها، وسحب الموازنات من طريقها، وقلب المقاييس المعتمدة فيها، ثم ختمت جهدها المبارك بالتنكيل بأعضاء اللجان التي تدرس المطالب. والآن، لقد أصبحت الدراسات جاهزة، لكن الأمور تسير سيراً معكوساً، وإننا لا يمكننا أن نقبل عن المطالب بديلاً. نجد أنفسنا، المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ورئيسه وجميع المحرومين في لبنان، بل أكثر المواطنين الواعين من مختلف المناطق والطوائف والفئات، نجد أنفسنا مضطرين الى متابعة السير للتظاهرات وللمهرجانات، للإضراب، للعصيان المدني، للإستقالات الجماعية، لتشكيل مؤتمر وطني يتحمل مسؤولياته السياسية، وللإعتكاف حتى الموت في سبيل تحقيق هذه المطالب وغيرها من حاجات المواطنين. والى جانب هذه الضغوط السلبية سنتحمل كل مسؤولياتنا الوطنية. سنسعى لجمع الكلمة داخل الطائفة وخارجها. سنتصل بالمهاجرين في الدول العربية وفي أفريقيا وأميركا. سنؤسس هيئة وطنية تقوم باتصالات واسعة النطاق بالدول العربية وبالأصدقاء لكي نقدّم خدمات ومشاريع للمناطق المحرومة. سنوحد الجهود وننسق الهيئات الدينية والسياسية. والى جانب كل هذا، ستبقى يدنا ممدودة وقلبنا مفتوحاً الى كل عمل يخدم مصلحة المعذبين والمحرومين.
أيها الإخوة الأعزاء، أعضاء الهيئة العامة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، إنكم تعرفونني بالتفصيل، ولعلكم تشاهدون شقائي وجهدي ومواصلة ليلي بالنهار، ولعلكم تعرفون أني لا أملك قطعة أرض، ولا عِرق شجرة، ولا قرشاً واحداً في المصارف، بل سيرثني أولادي بديون ومسؤوليات جمّة. وإنكم سمعتم بوضوح قناعاتي وممارساتي ومخططاتي. فإذا كنتم تريدون وتؤيدون مقتنعين هذه القناعات والممارسات والمخططات، فأنا بينكم، بل أمامكم، غير خائف من موت، ولا راغب في الحياة، ولا أتخلى عن مسؤولياتي. وإذا كنتم تعتقدون أنني في هذا السلوك مخطئ فاعذروني واقبلوا استقالتي، واتركوني أتابع طريقي مع مَن يبقى معي في هذا الطريق، واختاروا غيري للقيادة ولرئاسة المجلس. واسمحوا لي أن أقول لكم ما قاله إمامنا الحسين (ع) لأصدقائه: "ألا ومَن كان منكم باذلاً مهجته، راغباً في لقاء الله، فليرحل معنا، فإني راحل مصبحاً إن شاء الله".
| |
|