البعد الثالث من الميثاق

عنوان المحاضرة: البعد الثالث من الميثاق
إسم المحاضر: د.غازي قانصو.



الحرية


إن الحديث عن المبدأ الثالث في الميثاق " الإيمان بحرية المواطن الكاملة" يأخذنا الى تناول موضوع الحرية في فكر الإمام الصدر الذي بدوره يأخذنا إلى تناول مفهوم الحرية, وأبعادها ومدى الاهتمام بها في الفكر الإسلامي الأصيل المتنور, وفي الإرث الإسلامي المتواتر.

ورد في البند الثالث من الميثاق الأتي نصه:
"إن حركة المحرومين انطلاقاً من هذه المبادئ تؤمن بالحرية الكاملة للمواطن, وتحارب دون هوادة كافة أنواع الظلم من استبداد وإقطاع وتسلط وتصنيف المواطنين, وتعتبر أن نظام الطائفية السياسية في لبنان لم يعط ثماره وهو الآن يمنع التطور السياسي ويجمد المؤسسات الوطنية وينف المواطنين ويزعزع الوحدة الوطنية".

أولاً - المعنى العام
جعل الله للإنسان ما يلزم من ضروريات الحياة, ومنها الحرية, التي هي جذر أساسي في ماهية الإنسان. تلك الحرية المرتبطة بعدالة الخالق, بحيث يكون معها الإنسان مسؤولاَ تجاه ربه عن أفعاله وسلوكياته.

فالإنسان مولود على الفطرة التي فطر الله الناس عليها, وبهذا فلقد اعتبر في الفقه الإسلامي أن الأصل الأول هو الحرية, تماماً كما الحلية والإباحة أصلان أساسيان.
وبالتالي فإن الرسالة الإسلامية تضمنت نصوصاً أساسية تحمل معنى الحرية والاختيار, قال سبحانه: "فذكّر إنما أنت مذكّر,لست عليهم بمسيطر,...", وقال تعالى: "وما أنت عليهم بجبار", و"يضع عليهم أجرهم والأغلال التي كانت عليهم..." و " لا إكراه في الدين".

وبالتالي فإن الإسلام آمن إن الحرية هي عنصر جوهري في كيان الإنسان وطبيعته, وهي تعبير عن الطاقة الحيوية لديه, وعليه فإن الحرية هي حق أولي, وهبة إلهية للبشر, وحقيقة تكوينية في الإنسان لا لبس فيها ولا غموض.
وبهذه المعاني الأنفة الذكر, تصبح الحرية تعبيراً مرادفاً لوجود الإنسان, وهي قيمة كفلها الإسلام, وكفلتها الشرائع المستنيرة, فهي مسلّمة يفردها العقل السليم, لصدورها عن الفطرة البشرية, يتسم بها كل بشري مهما كان عرقه أو جنسه أو لونه.