HADI-T.A
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

HADI-T.A

أبو طوني
 
الرئيسيةأسد من الجنوبأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو طوني
أسد الجنوب
أسد الجنوب
أبو طوني


ذكر عدد الرسائل : 576
العمر : 34
الموقع : الجنوب-النبطية
تاريخ التسجيل : 06/05/2008

كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974 Empty
مُساهمةموضوع: كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974   كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974 I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 25, 2008 4:50 am

باسمه تعالى



كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر


في اجتماع الهيئة العامة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى


(بتاريخ: 13/9/1974)


بسم الله الرحمن الرحيم
سادتي العلماء، أصحاب المعالي والسعادة، إخواني الأعزاء، أبنائي الطلاب،
أيها النخبة من بناة المستقبل، يا قادة الفكر في الطائفة وفي لبنان،
أيها الأمل الكبير لمستقبل هذا البلد ومستقبل إخوانكم في العالم العربي،

السلام عليكم ورحمة الله،

إنّ الشيعة كانت منذ أن كان لبنان، وإنّ الشيعة كانت من لبنان منذ أن كان، عمّرت سهوله كما عمّرت الجبال، وعصمت جنوبه كما شرقه والشمال. عاشت معه في السراء والضراء، فسقت تراب لبنان من دم، كما رفعت في سمائه ألوية مجد.
شاركت الشيعة في اخضرار لبنان، فلم يغتد الجمال. وقادت ثوراته فلم تعتد السيوف. إنّ مدارس العامليين وكتبهم، خلال عشرة قرون، هي مكاتب لبنان وينابيع ثقافته. وحضارة الحمدانيين وتجارتهم التي أغفت الشرق، وتأسيس دولة بني مرداس، وانفتاحهم المذهبي الذي أخصب الفكر، وعمران بني عمّار وثقافتهم، التي أفادت الحضارات، وتطورات صور العمرانية، وسياسة أبنائها وشجاعتهم المذهلة وصلابتهم في جبل لبنان، وتنقلاتهم القاسية خلال القرنين العاشر والحادي عشر، ثم مواقفهم الحاسمة ضد الصليبيين، وصلابتهم النادرة أمام الإضطهاد المملوكي، وفي المجازر الرهيبة التي عاشوها في القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
إنّ هذه الصفات البهية من تاريخ الشيعة في لبنان، جعلت ميثاقاً عميقاً وأبدياً بينهم وبين لبنان، لا يتنازلون عنه ولا يتنازل هو عنهم، لأنّ مسألة كل منهما حيال الآخر مسألة مصير. وبعد تلك الأمجاد تحركت عهود الإستعمار والإستبداد، فشرّدت شبابهم، وأقفرت أراضيهم، وهدمت مدارسهم، وخلقت لهم من مناطقهم سجوناً، ومن حياتهم شجوناً. وبقي الأمل في ليلهم المدلهمّ، الذي تجاوز قروناً وقروناً.
ثم طلع الفجر، وتحقق الأمل، وجاء الإستقلال يمسح الجروح، ويرفع كرامة المواطن، ويمنح الحرية والعدالة، ويجند طاقات الإنسان، ليساهم في بناء وطنه ورفع مستواه، وبالتالي يشترك مع إخوانه في عطائه القومي ومشاركاته الإنسانية.
واختار اللبنانيون الديمقراطية نظاماً، لا يقبلون عنها بديلاً. ثم لاحظوا أنّ المناطق اللبنانية مختلفة جداً في المستويات الثقافية والعمرانية والإجتماعية، نتيجة للظروف التاريخية. فكانت المناطق اللبنانية كأنها بلاد تتفاوت حضارتها، وهذا – عدم تساوي المناطق ضمن النظام الديمقراطي – يعني أنّ الفرص لم تكن متكافئة، وأنّ نظام التزاحم لم يكن عادلاً. وبنتيجة هذه العوامل لاحظوا أنّ العدالة الإجتماعية في التقسيم الطائفي في هيكل الحكم وفي خيرات الوطن، واتفقوا على ذلك ضمن ميثاق وطني مؤقت، إيماناً منهم بأن هذه الطريقة هي الضمان المناسب للعدالة الإجتماعية بين أبناء الوطن الواحد في مرحلة التأسيس، مرحلة الإنطلاق.
هكذا نفهم بأقصى درجات التفاؤل، وفي أفضل تفسير للأحداث. هكذا نفهم معنى النظام الطائفي في لبنان، محاولين إبعاد التفسيرات الأخرى التي ترد في الكثير من الأبحاث. ومرّ ربع قرن، أي عمر جيل واحد على هذه التجربة الفريدة في العالم، وهذه مدة كانت كافية لتقييم النتائج رغم قصرها في عمر الأوطان، بدأ اللبنانيون خلالها عموماً، وأبناء منطقة الجنوب والبقاع، بوجه خاص، في تحمّل مسؤولياتهم الوطنية، مستفيدين من ظلال الديمقراطية والحرية والإستقلال، ليمارسوا نشاطهم الحياتي في نطاق هذه المثل العليا الكريمة.
والشيعة الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من هاتين المنطقتين أصبحوا يعتقدون أنّ عهود الإستعمار والإفتقار والتصنيف وطمس الحقائق قد ولّت، وأنّ عليهم أن يتحركوا من أجل خلق حياة أفضل لهم ولأولادهم، ومن أجل وطن عزيز كريم ومستقل. فاتجهوا أولاً نحو الزراعة، فحوّلوا القطاع الساحلي في الجنوب الى بساتين غنّاء تشكّل رقماً قياسياً في الدخل القومي. وحوّلوا سهول البقاع الى مزارع لا مثيل لها في الشرق. وبقيت المناطق الجبلية التي لا ترتوي بالماء، فزُرعت بالسفرجل ومختلف المحصولات البعلية.
ثم انتقل النخبة من شبابهم الى المدن والى العاصمة، لأجل العمل. فشارك ويشارك عشرات الألوف منهم في حقول العمران والمصانع والسياحة والبلديات، وفي مؤسسات الإنماء والمطار والمسلخ.
أما الطامحون منهم فهاجروا الى البلاد العربية الشقيقة والى أفريقيا الغربية وأميركا اللاتينية وأوستراليا. هاجروا دون توجيه أو حماية عسكرية أو سياسية أو قانونية، سوى حماية خلقية وأصالة شخصية مستمدتين من تراثهم العميق.
وقد تجاوز عدد المهاجرين خلال هذه المدة مئة ألف مهاجر – خلال خمسة وعشرين سنة – يعملون بجهد، ويعيشون بتقشف، ويعمّرون بهذا الجهد المضني بلادهم وديارهم، ويربّون أولادهم وأقرباءهم أنهم يعيشون على أمل العودة الى وطنهم، حيث لا تبهرهم حضارة سوى حضارة لبنان.
والإقبال كان، ولم يزل، شديداً على التعلم. فالآباء يتعبون ويتحملون الأشقى من الأعمال لكي يوفروا المال اللازم لتعليم الأبناء حتى المستويات النهائية، والأبناء والبنات يتهافتون الى المدارس ويقطعون في بعض الحالات بضعة كيلومترات يومياً كي يصلوا الى المدرسة.
ويزداد الشوق ويزيد العدد، ففي سنة 66 – 67 الدراسية زاد عدد الطلاب في الجنوب 30 بالمئة، وهذه النسبة غير موجودة في العالم أبداً، حتى أصبحنا لا نجد اليوم بين الأجيال الطالعة إلاّ 3 بالمئة أمّيين بدلاً من 47 بالمئة قبل 15 سنة.
واشترك الكثير منهم في الوظائف، فكان الموظفون نماذج للإخلاص والجد ونزاهة الكف، وكان بينهم الخبراء الكبار.
والرغبة الى الإنضواء في سلك الجيش والأمن الداخلي كانت جامحة عندهم، سيما في منطقة البقاع، وبرغم الموانع التي تقف في طريقهم بحجة عدم التوازن، نشاهد ارتفاع المعدل لديهم، فكانوا في طليعة المناضلين والأشداء في سبيل الدفاع عن الوطن وعن أمنه، وقدّموا ضحايا كثيرة، حتى في سلاح الطيران.
وكان السعي في الإعلام والمكتبات والفن والرياضة والتعليم ومختلف الإختصاصات الحرة، من طب وهندسة ومحاماة وغيرها.
وإنّ هذا الإندفاع الذاتي يعني شعور الشيعة بأنّ الوطن أصبح مستقلاً، فعليهم أن يتحركوا، وتحركوا خلال 25 سنة، كان هذا التحرك بحاجة الى رعاية الدولة وحماية الوطن، لكي نجعل المستويات المتباعدة بين المواطنين متقاربة، لكي يُبنى الوطن، ولكي تصبّ الطاقات الخيّرة في خدمة منسّقة للوطن، ترفع شأنه، وتمنع تعرّضه للأذى من الخارج، أو التمزق من الداخل.
هكذا كنا نفهم الطائفية في النظام الديمقراطي. لكن المبادرات هذه لم تلقَ الأصداء المطلوبة لدى المسؤولين إعتباراً من بداية الإستقلال. خاب الأمل. بل كانت تحركات ومبادرات المواطنين تصطدم بعراقيل وموانع نابعة من الإهمال والإلتهاء بالمصالح الخاصة والمحلية، ولا نقول إنها كانت تصطدم بالنيّات السيئة والمبيّتة لخلق اليأس والجمود والإتكالية والإستزلام، ذلك كله لسيطرة الإقطاع على البلد الطيّب العريق الذي يعيشه شعب هو أرقى الشعوب في العالم، ويملك تاريخاً قلما يوجد لدى شعب آخر أو أمة أخرى في العالم.
ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، تدليلاً على المطلب، يعني تحرك المواطنين وعدم تلبية المسؤولين، نذكر شهادة حق لمصلحة المعذبين في هذه الجنة، جنة الله على الأرض، لبنان، نذكر على سبيل المثال:

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ALASAD.hooxs.com
أبو طوني
أسد الجنوب
أسد الجنوب
أبو طوني


ذكر عدد الرسائل : 576
العمر : 34
الموقع : الجنوب-النبطية
تاريخ التسجيل : 06/05/2008

كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974   كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974 I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 25, 2008 4:50 am

1- في حقل الزراعة: الأرض الواسعة، التي تتجاوز ثلثي الأرض الزراعية في لبنان، من أحسن الأنواع وأخصبها كانت موجودة، واليد العاملة مهيأة، والخبرات متوفرة تجريبياً وفنياً، ولكن الأرض بحاجة الى الماء. الماء هذه النعمة الإلهية التي منحها الله تعالى الى بلدنا الطيب، تتوافر بكمية 11 مليار متر مكعب، منها 600 مليون متر مكعب فقط يستفاد منها، والباقي البالغ 10 مليارات و 400 مليون متر مكعب تُهدر في البحر (بسلامة تفكير المسؤولين وعزمهم).
هذا الماء كان موجوداً، كذلك في البقاع وفي الجنوب، فكانت الحاجة الى مشروع الليطاني والى سد العاصي، والى تنفيذ بحيرة اليمّونة، والى سدود نحلة ووادي سباط وجنتا ويحفوفة وشمسطار، ومشاريع المياه في مروحين وجباب الحمر واللبوة وحوش السكسكية وإيعات وغيرها.
أُسست مصلحة الليطاني سنة 1954، وصرفت 400 مليون ليرة لبنانية حتى سنة 70 - 71، ولم توضع دراسة شاملة للري، دراسة شاملة حتى الآن غير موضوعة! بل حوّلت مصلحة الليطاني نتيجة أخذ 400 مليون ليرة كمية 300 مليون متر مكعب مياه من نهر الليطاني الى نهر الأولي، يعني من منطقة فقيرة بالماء الى منطقة غنية بالماء، لأجل مشاريع الكهرباء، وحرموا بذلك الجنوب. فكانت مصلحة الليطاني آفة على مياه الجنوب. وكان المستعمر الفرنسي، رغم عدم رحمته، قد أسس سنة 1932 بداية السد في العاصي، وبدأ بقناطر الهرمل والقاع، ثم تجمّد كل شيء حتى عام 1964، حيث وضعت الإعتمادات اللازمة للدراسة، ولكنها تجمّدت مرة أخرى.
وتبقى الأرض الخصبة في المنطقة هناك في البقاع بائرة، ويبقى الناس هناك في فقر وعذاب وشقاء، يهاجرون الى المدن، ويتقاتلون فيما بينهم، ويرحل الأمن والسلام، ويستقر التخلف والحرمان.
وهكذا كان مصير المشاريع الأخرى. واستمر هدر مليارات أمتار المياه في البحر، تأخذ معها التربة والخصوبة، تصبغ البحر (ترَون وقت الشتاء المنطقة الملوّنة من البحر، كلها خصوبة وبَرَكة وخير الأرض) تصبغ البحر، وتؤكد للعالم عدم صلاحية المسؤولين في الحكم، وتعطي للعدو حجة دامغة لإدانتنا وللطمع في أرضنا ومياهنا.
وكان الزرع الغالب في الجنوب، بسبب عدم المياه طبعاً، التبغ. ومأساة التبغ دامية وحزينة. يعمل الفلاح مع جميع أفراد عائلته خلال السنة الكاملة، لكي يُفرض عليه الثمن. فصاحب التبغ ليس له حق في أن يتدخل. وهذا هو البائع الوحيد في العالم الذي لا يحق له أن يتكلم. فيُفرض عليه الكمية والنوعية والسعر، وتتحكم فيه "الريجي"، وتحتقره، وتصنّفه بدلاً من تصنيف التبغ، لأنّ المواطنين أصناف (يوجد أناس لهم أناس، ويوجد أناس ليس لهم أناس). وتصنّفه بدلاً من تصنيف التبغ لكي يلجأ المواطن الى الوسيط (وما أدراك ما الوسيط) لأخذ حقه المشروع. أما إذا طالب بحقه بدون وساطة فجزاؤه الطرد والحرمان، وفي بعض السنوات الرصاص..
وإليكم بعض معالم هذه المأساة بالأرقام: 300 ألف مواطن ترتبط حياتهم بزراعة التبغ، يساهم مزارع التبغ بأكثر من 40 مليون ليرة في الدخل القومي، كلفة الكلغ من التبغ من وقت استلامه من المزارع الى وقت وصوله الى ظهر الباخرة ½ 5 ليرات (هذا في لبنان، أما في تركيا وفي بلاد العالم 1.33 ل.ل. وسبب ذلك النفقات الإدارية الباهظة. عشرات من المدراء والمؤسسين والموظفين، هؤلاء كلهم يعيشون على لقمة المزارع المسكين، الذي إذا تكلم فجزاؤه الرصاص).
ومعدل الهدر عند الفرد في العالم من 8 بالمئة الى 12 بالمئة، وفي لبنان يبلغ 28 بالمئة.
وهكذا يُعرف سبب الخسارة التي يدّعونها في شراء التبغ من المزارع.
أسعار التبغ في العالم إرتفعت سنة 73 بين 30 بالمئة و 50 بالمئة، إلاّ أنّ زيادة السعر إحتُسبت للمزارع اللبناني في هذه السنة بنسبة 5 بالمئة فقط.
وفي سنة 72 (يعني سنة المأساة التي قتل فيها اثنان من النبطية وجرح مجموع) بلغت زيادة سعر التبغ في العالم 30 بالمئة، أما في لبنان فصار تخفيض السعر للمزارع بنسبة 0.02، وادّعوا أنه أُعطيت زيادة.. وأغرب من كل ذلك أنّ معدل الإنتاج للدونم الواحـد فـي الجنـوب حُـدّد بـ 60، 70، 90، 100، الى 110 كلغ. أما معدل الإنتاج في دونم الأرض في الشمال، فاعتبر أنه يبلغ 440 كلغ، يعني 4 أضعاف..
ولقد اطلعتم من خلال الصحف على التفاوت في الأسعار، وفي المعاملة، وفي النوعية، وعلى الأوضاع التي تهدد كيان هذا الزرع من أساسه في لبنان. ولا بد أن نشير في حقل الزرع الى مشكلات تسويق الحمضيات والموز والبرتقال والحبوب، ومشكلات بيع الخضار وبصورة خاصة الشمندر.
وإذا أضفنا الى هذه اللوحة في حقل الزراعة، إذا أضفنا ذلك البعد الدامي الذي يرتسم كل يوم بواسطة العدو الإسرائيلي على أرض الجنوب. وإذا أضفنا الى ذلك محنة الغلاء المثقل المتزايد، تكتمل صورة المزارع. يعني أمام هذا الجهد الجهيد من المزارع في الجنوب وفي البقاع، هذا جزاؤه.

2- أما العـامـل الذي رأيناه يترك قريته لكي يؤمّن قوت أهله ونفقات دراسة أولاده، فإنه يعيش في ضواحي بيروت في ظروف قاسية، لا تتناسب مع مستوى لبنان الحضاري، بل لا مثيل لها في أكثر البلدان المتخلفة.
أكيد أنكم شاهدتم حي السلّم والكرنتينا، وبعض أحياء برج حمود معروفة، بيوت مزدحمة دون تنظيم ودون كهرباء وماء، في أحياء محرومة من المدارس والمستوصفات والطرق والمجارير، يسكنها حوالي 350 ألف عامل. والتفكير الرسمي الوحيد بشأن هؤلاء السكان، هو وضع التخطيط ورسم الشوارع واسعة للقضاء على البيوت بصورة نهائية. هذا هو التخطيط الرسمي الوحيد. وإذا ما أردنا المبادرة بالتعاون مع سكان حي ظهر الريحان بالحدث، حيث أقيمت كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، وتمكنا بالتعاون مع بعض الخيّرين ومع أبناء المنطقة، من بناء قرية نموذجية ومساكن شعبية (460 بيتاً)، وعندما سعينا لإسكان الناس، جاءت التدابير الرسمية تمنع السكان من الإشتراك بالماء والكهرباء وغيرها من ضرورات الحياة، جزاءاً لهذه البادرة.
وأصعب ما في هذا الحقل، حقل النزوح والعمال والسكن في البيوت غير الملائمة، أصعب شيء هو إفراز هذه الأحياء مئات من المشردين يجوبون شوارع بيروت، ويشكّلون المجال المناسب لمختلف الجرائم، رغم ذكائهم الفطري. ولقد بلغ عددهم سنة 1968 حوالي 1100 طفل. (اليوم قرأتم في الصحف أنّ ثلاثة منهم، أحدهم عمره 15 سنة، شكّلوا عصابة سرقة).

3- أما المهـاجرون: مهاجرونا، فإنّ لقمتهم المغموسة بالدم والعرق والغربة، كانت تُطعم القريب والغريب، وجهدهم المتواصل كان يُصرف في سبيل عمران العاصمة والقرى، ونجاحهم الجزئي (96 بالمئة من المهاجرين غير ناجحين) كان مستوراً، وكانوا يخفون حنينهم ومأساة أولادهم الذين كانوا يجهلون آباءهم وأمهاتهم (لأنّ أولادهم يدرسون في بيروت ويقولون لجدهم بابا، ولجدتهم ماما. أما آباؤهم وأمهاتهم في المهجر فلا يعرفونهم). هذه المآسي يخفيها المهاجرون الذين أهملهم المسؤولون لا من حيث الحماية فحسب، بل من أبسط مسؤوليات الرسميين عن المواطنين في الخارج. وإليكم بعض الأمثال: إستلمت برقية من "دكار" تطلب مني أن أتوسط لدى رئيس وزراء غينيا لأجل إطلاق سراح بعض الشباب اللبنانيين الموجودين في معتقلات غينيا منذ حوالي 8 سنوات، وصرّح لي رئيس وزراء غينيا لدى اجتماعي به (كان هنا منذ حوالي شهر) بأنّ رحلة واحدة من المسؤولين اللبنانيين الى غينيا كفيلة بخروج عشرات اللبنانيين من السجن، كما حصل ذلك بالنسبة لرعايا فرنسا وألمانيا الغربية، إذ اعتُقلوا بنفس الإتهام، ومع ذلك، ومع أنّ رحلة واحدة تنقذ عشرات من العائلات، فلم يسافر أحد، وبقي "الغرباء" سنوات وسنوات في سجون بلاد الإغتراب. وهذا المثل الأول.
المثال الثاني: يعاني مئات من اللبنانيين في جمهورية أفريقيا الوسطى أشد أنواع الإضطهاد والحجز، ولا يخرج أحدهم إلاّ بدفع مئات الألوف ومصادرة أمواله، والرئيس "بوكاسا"، رئيس الجمهورية، ينتظر مبادرة واحدة من حكومتنا الموقرة حتى يترك الألوف من الشباب يشتغلون، وينتظر وينتظرون دون جدوى..
المثال الثالث: المأساة مأساة الجالية في الكونغو "كينشاسا"، إنتهت بمبادرة شخصية من مواطنين بدلاً من مراجعة وزارة الخارجية اللبنانية واتصالات الحكومة. مواطن عادي توسط واتفق مع رئيس الجمهورية الرئيس "موبوتو" على أن ينهي المشكلة، وهكذا كان، وأُطلق سراح اللبنانيين ورُفع الحجز عنهم. أما وعد الحكومة اللبنانية بالنسبة لتأسيس سفارة في كونغو كينشاسا، فهذا الوعد لم ينفّذ، حتى قنصلية عامة لم تنشأ. إنما يوجد قنصل فخري، هو شأنه أجل من أن يذهب لكونغو كينشاسا. قنصلنا الفخري ينتدب عنه نائباً، والنائب أيضاً لا يذهب الى كونغو كينشاسا، بل ينتدب هو نائباً ثانياً ليرعى شؤون اللبنانيين، وهو يهودي، خذوا علماً بذلك.
إذاً، لا توجد سفارة ولا قنصلية عامة، بل قنصل فخري، يتولى نائب نائبه، اليهودي، رعاية شؤون ألوف الشباب اللبنانيين الذين يشتغلون هناك.
والوضع في أغلب المهاجر من جهة الإدارة القنصلية سيئ للغاية. لا يوجد بمعدل أكثر من شخص واحد في السلك القنصلي لعشرين ألف لبناني في أفريقيا الغربية. هذا والأوضاع الإجتماعية تتغير بسرعة في بلاد الإغتراب، وهذه تستدعي الحضور الدائم، ولكن نحن أمامنا الغياب الدائم والمأساة.
وأترك البحث عن وضع المهاجر بعد عودته كالمحارب المنتصر العائد، أترك هذا البحث الحزين لفرصة أخرى رغم أنني قدّمت دراسة مفصّلة موضوعية لمعالجة وضع الهجرة في بلدة الخيام قبل 4 سنوات.

4- أما الطلاب في سبيل التعلم، فكان يعاني أبناؤنا فقدان المدارس رغم أنّ بعضهم كان يقطع بضع كيلومترات للوصول الى مدرسته في الشتاء. وكان من المقرر أن تُبنى 80 مدرسة في الجنوب خلال الخمس سنوات التي انتهت في سنة 1970، شرط تقديم كل قرية أرضاً مناسبة لوزارة التربية الوطنية. ونفّذنا الشروط، وتنازلنا في بعض القرى عن الأوقاف مقابل إيجار رمزي، ومرّت السنوات الخمس، ولم تكن النتيجة سوى نصف مدرسة. وفي كثير من القرى وأنتم أخبر تسمى "مدرسة"، غرف متباعدة مستأجرة من قِبل أهل القرية، ناهيك عن التجهيزات غير اللائقة. كل هذا سبّب قيام بعض شبابنا بتأسيس مدارس خاصة بالمئات في المناطق وفي بيروت، ولكن نتيجة عدم توفر المال اللازم، كانت ولم تزل المستويات منخفضة رغم جهاد أصحاب هذه المدارس وجهودها.
والآن، وبانتظار تنفيذ مشروع "المدارس المجمّعة" الحكومي، الذي ما يزال حلماً، فإننا نخشى أن يتهدد مستقبل أبنائنا، ويصبح مستواهم المدرسي غير متناسب مع طموحنا وطموح اللبنانيين. نقول ذلك بكل صراحة، ونقول إنّ التخلف إذا أصاب أبناءنا في حقل التعليم فإنه نتيجة للضغوط وعدم تكافؤ الفرص.

5- أما عن الموظفين وحرمانهم من حقوقهم ومن مراكز مرموقة، والشكوى من عدم اعتماد المسؤولين على الكفاءات، بل على المحسوبيات، فحدّث ولا حرج.
إننا نشعر بتصنيف فاضح واحتقار مرفوض في هذا المجال الحيوي جداً، هذا المجال الذي يشكّل مفتاحاً لمختلف مجالات التنمية والخدمات. إنّ الدراسة الصحية التي كنت أريد أن أقدّمها لكم اليوم عن الوظائف، أصبحت مستحيلة، لأنّ مجلس الخدمة المدنية امتنع عن تزويدنا بالمعلومات، رغم أنّ قانون تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يؤكد بأنّ المجلس أُسس لحفظ حقوق الطائفة، وهذا يعني أنه يحق لنا المراقبة. ولكن الذي حصل هو أنّ رسالتي التي وجهتها الى مجلس الخدمة المدنية بتاريخ 24/12/1973 بقيت حتى الآن بلا جواب، ويقولون نحن ننتظر موافقة رئيس مجلس الوزراء، ونبقى بلا جواب. ولكن في حدود المعلومات المتجمعة لدينا بواسطة الإتصالات المختلفة، تبيّن أنّ نسبة الحرمان عندنا في الفئتين الثانية والثالثة من الوظائف العامة عالية جداً. ففي الفئة الثانية بلغ الحرمان 63 بالمئة، يعني عندنا 37 بالمئة فقط من حقوقنا. أما في الفئة الثالثة فنسبة حرماننا 88 بالمئة، يعني 12 بالمئة أخذنا من حقوقنا فقط.
أما في وظائف الفئة الأولى، فلقد صدرت مؤخراً، وبعد ضغوط، تشكيلات وتعيينات أعطت طائفتنا عدداً إضافياً في هذه الوظائف، إلاّ أنه غير كافٍ نسبة لحقوقها. وبقيت طائفتنا محرومة من الوظائف الرئيسية الكبرى. وهذه الإحصاءات والمعلومات تقتصر على الإدارات العامة المدنية، دون المؤسسات العامة والمصالح المستقلة التابعة للدولة والقيادات في الجيش وقوى الأمن الداخلي، حيث الغبن فيها فادح.
ويبقى حقل العلماء الإختصاصيين من أبنائنا، وهم كثر، وهنا نشاهد مصيبة عامة، فلا مجال للكفاءات أن تعيش في لبنان، إذا لم تسخّر للإقطاع. ونجد أمام أعيننا خيرة شبابنا الذين استهلكت دراستهم العالية حياة أهلهم وآمال السنوات، يتركون الوطن واحداً تلو الآخر. إنهم يرحلون لأنه لا أمل في البلاد، بل الغربة في الوطن أمرّ وأصعب.
وهكذا نجد أنّ تاريخ هذه الطائفة، الذي بدأ بأمجاد، إنتهى – خصوصاً في البقاع والجنوب – الى عذاب وإهمال وحرمان وتشريد واغتراب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ALASAD.hooxs.com
 
كلمة سماحة الإمام السيد موسى الصدر بتاريخ 13/9/1974
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
HADI-T.A :: أفواج المقاومة اللبنانية أمل-
انتقل الى: