أبو طوني أسد الجنوب
عدد الرسائل : 576 العمر : 34 الموقع : الجنوب-النبطية تاريخ التسجيل : 06/05/2008
| موضوع: الامام الصدر حاولوا اغتيالي ب 86 رصاصة الخميس سبتمبر 25, 2008 3:11 am | |
|
الموضوع : حوار صحفي ـ حاولوا اغتيالي بست وثمانين طلقة رشاش ثقيل لكن الله أنقذني.
المكـان : مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية ـ 27/12/1976
المناسبـة : تأليف حكومة جديدة وبدأ السعي لإيجاد قوة عسكرية تحفظ الأمن في الجنوب.
المقدمـة : كتب فؤاد دعبول:
"... القول بأن "تيار الإمام" انحسر، سابق لأوانه.
لان حركة المحرومين. أي انطلاق الإنسان المحروم لمعالجة حرمانه، هي أكبر من الإمام. ومن الأحداث كلها.."
والشيعة أيضاً، في رأي سماحة الإمام موسى الصدر انتصروا على المحنة لسقوط مخطط تحويل لبنان إلى دولة شيوعية، وخيبة أمل إسرائيل باقتطاع جزء من جنوب لبنان ...
وكشف الإمام الصدر في حوار مع "الأنوار" أن التهديد لا يفارقه منذ عشر سنوات، وان محاولة جرت لاغتياله، فيما كان خلال الأزمة، متوجها بطائرة هليكوبتر من مطار بيروت الدولي إلى صبرا وقال : لقد تعرضت لست وثمانين طلقة رشاش ثقيل، لكن الله أنقذني.
وشمل الحديث مع الإمام الصدر الحكومة الجديدة، واللامركزية. بالنسبة للأولى قال أن أبناء الشيعة كانوا يتوقعون وضعا آخر لتمثيلهم في الوزارة وانهم أحسوا بالمرارة بالنسبة إلى عدد الوزراء والحقائب لكنه استدرك: "الحكومة منسجمة برئيسها وأعضائها وبعيدة عن عقدة التعالي".
أما اللامركزية فإن الإمام الصدر يرفضها حتى ولو كانت إدارية. واقترح أيضاً إنشاء مؤسسة للحوار بديلاً عن الطاولة المستديرة أو المستطيلة.. وقال: خلال شهر واحد تنقل قوات الردع إلى الجنوب أو يكون قد تشكل جيش لبناني، ليأخذ مكانه على الحدود.
بادرني الإمام:
ـ الــنـــص ـ
هل انعقدت جلست الثقة؟
نعم
وفي غياب الأقطاب؟
نعم، لكن نوابهم حضروا.
وكعادته. يستفسر الأمام عن الأسئلة، ليعرضها في ذهنه قبل الإجابة.
قلت: لا أسئلة جاهزة. هناك نقاط للحوار، وبعد ان ذكرتها له
قال: أنا حاضر. تفضل.
الإمام والتمثيل الشيعي في الحكومة
س ـ الحكومة شكلت في غيابكم. ما هو موقفكم من التمثيل الشيعي في الحكومة الجديدة؟
وبهدوئه المعهود بدأ الإمام يتكلم:
ج ـ عندما ننظر إلى الوطن ونتذكر محنته التي كانت مستمرة حتى قبل أسابيع، وعندما ننظر إلى المستقبل القريب وشؤون الإغاثة وعودة المهجرين، وإلى المستقبل البعيد وشؤون التنمية والتطوير الاجتماعي السياسي، عندما ننظر إلى هذا وذاك نحس أن المواقف التقليدية تجاه تشكيل الوزارة، ومختلف شؤون المؤسسات، بشكلها الذي هو استمرار للماضي الفاشل، نحس أن المواقف التقليدية هذه هي دون مستوى المسؤوليات الوطنية بكثير، حتى يمكن أن نسميها غباء وتقصيرا في حق الوطن والمواطن. لذلك فان انطباعي أمام الوزارة التي تشكلت يختلف او يوجب ان يختلف عن الانطباعات السابقة.
حكومة بعيدة عن عقدة التعالي
ويتابع: لقد نظرت إلى الوزارة من زاوية إمكاناتها على تحمل الأعباء ومن زاوية رؤيتها للمستقبل اللبناني واستيعابها للتطورات الهائلة التي تنتظر الشرق الأوسط خلال السنة المقبلة. ولا شك أن الذي يلفت النظر في الوزارة هو انسجامها وانسجام عناصرها مع رئيسها ومع الرئيس سركيس. بالإضافة إلى بعد عناصرها عن عقدة التعالي والاكتفاء بالنفس. ذلك لأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى تضافر الجهود، وبخاصة إلى مشاركة جميع المواطنين بأيديهم أو بألسنتهم أو بأفكارهم في مجابهة المسؤوليات فالعناصر التي تستجيب وتحاور وتتطور هي المناسبة للمرحلة المصيرية الحالية.
الشيعة صدمتهم الحكومة الجديدة
ويطرق الإمام هنيهة ثم يقول: لا أخفيك أن الأكثرية الساحقة من أبناء طائفتي كانوا يتوقعون وضعا آخر لتمثيلهم في الوزارة، وأنهم أحسوا بمرارة بالنسبة إلى عدد الوزراء والوزارات ونوعيتها. وقد حملت مشاعرهم إلى فخامة الرئيس وزاد من مرارة الإحساس العام أن المنتظر في لبنان بعد الأحداث التي مهد لها غياب العدالة، وبعد استلام رجل القضية الاجتماعية الأستاذ الياس سركيس لمسؤوليات الحكم، إن المنتظر كان تصحيح المعادلات السياسية، سيما وان الحكومات في بعض الأحيان أخذت بعين الإعتبار المتغيرات الديموقراطية في البلاد، ثم أنني اعتبر أبناء الطائفة الاسلامية الشيعية في لبنان، وقياداتهم كانوا في طليعة القوى التي أحبطت المؤامرة الدولية التي اجتاحت لبنان، وانهم اصبحوا سياج الوطن وعموده الفقري في موقعه الحقيقي، الذي يحتفظ للوطن باستقلاله، ووحدته وتمايزه الحضاري، بالإضافة إلى انتمائه القومي وواقعه الجغرافي.
إنني متأكد بأن عهد الرئيس سركيس سيكون عهد العدالة ورعاية الكفاءات ومحاولة إزالة الشعور بالحرمان. لقد عرفته كذلك وأكدت لي لقاءاتي المعدودة معه، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية وهذه الصفة المميزة فيه.
توزير كامل علي احمد ليس تحديا لي
س ـ كانت مراسيم تشكيل الحكومة تحمل اسم السيد كامل علي احمد، لو تم ذلك، هل كنتم وجدتم فيه تحديا لكم؟
ج ـ إطلاقا، فقد عرفت الأستاذ كامل عل احمد وأخاه المهندس محمد، وغيرهما من شباب هذه العائلة الكريمة، شأنهم شأن شباب النبطية الموهوبين. كما عرفت الكفاءات الهائلة المنتشرة بين أبناء هذه الطائفة والتي ترفع بعض مستوى العبقرية.
ولا يمكن أن يعتبر اختبار أحد شباب هذه الطائفة تحديا لي. فالكل أبنائي وإخواني. إنني لا أؤمن بتصنيف الناس إطلاقا ولا أتصرف على ضوء الانتماءات السياسية ما لم تتعرض القيم الأساسية في حياة المواطن وفي سلوكه للخطر من جراء انتماءاته.
كنت ضد الاتجاه الذي مثله احمد
س ـ هل يشكل هذا الموقف تطوراً جديداً في تفكيركم ومواقفكم، لقد وقفتم في معركة الانتخابات الفرعية الأخيرة في النبطية إلى جانب الدكتور رفيق شاهين ضد كامل علي احمد؟
ج ـ لا اعتبر هذا تطوراً في الموقف السياسي، فقد كنت وسأبقى لجميع أبناء طائفتي، بل وللبنانيين جميعا، رغم تواضع قدراتي. أما موضوع انتخابات النبطية الفرعية وغيرها، فلا تعني في مفهوم السياسة، تصنيفا وانحيازا وتفضيلا لشخص على آخر. بل إنها كانت تُعبر عن خطة سياسية منهجية كنت اعتبر الجنوب بحاجة إليها في ذلك الوقت. فقد تمثل على الساحة أشخاص مثل كل منهم اتجاه وقد حصل صراع بين تلك الاتجاهات لا الأشخاص، وكان موقف الناس تعبيراً عن إرادتهم القاطعة في التغيير مع الاحتفاظ بالقيم، والالتزام بالتراث.
س ـ هل تعملون الآن، صاحب السماحة، لوحدة الطائفة الشيعية بعد المحنة التي أصابتها خلال الأحداث، حتى مع الذين لهم منطلقات مغايرة لمنطلقاتكم؟
ج ـ من وجهة نظري ليست الطائفة الشيعية في محنة حلت بها دون غيرها من الطوائف اللبنانية الشقيقة، إذا لم تكن في حالة افضل من غيرها. فقد خرجت الشيعة من المحنة منتصرة بانتصار لبنان الواحد وبعدم نجاح منطق التصنيف بين الناس ولا السعي لتحويل لبنان كله أو بعضه إلى دولة شيوعية. كما أنها انتصرت بخيبة إسرائيل في رغبتها بدفن المقاومة الفلسطينية في لبنان وفي تحقيق مطامعها لاقتطاع جزء من لبنان وضمه إليها أو إبقائه بعيداً عن جسم الوطن. لا أقول أن هذه الأهداف كانت خاصة ومحتكرة للطائفة الشيعية، ولكني أقول أن أبناء هذه الطائفة في تضحياتهم الكبيرة الكثيرة كانوا شهداء لبنان، هذا فقط. ولم يكن لديهم أي مكسب أو هدف عنصري أو طائفي أو إقليمي. لقد خاضوا المعارك دفاعاً عن أهداف مقدسة ولم يتجاوزا في إطار توجيه قياداتهم "حتى القسم الذي قادته الأحزاب" السلوك الشريف والصراط المستقيم. وكانوا ينادون الجميع ويناشدونهم من اجل السلام واللقاء والحوار والانتباه للأخطار الآتية من استمرار الحرب. إن معركة الشيعة كانت معركة حسينية، وكانوا شموعا لوطنهم ولأمتهم. وأمام ضحاياهم نقف خاشعين، يملأ الحزن قلوبنا، ولكن لا نشعر بالندم إطلاقا ولا نحس بتوبيخ الضمير.
أما قضية توحيد الطائفة، ففي رأيي كانت هذه الطائفة تحتاج إلى تنسيق بين جميع أبنائها وطاقاتهم. ولا شك أن اليوم ومع جرح الوطن العميق، وبخاصة مع محنة الجنوب القاسية، نشعر بمزيد الحاجة إلى مثل هذا التنسيق.
"تيار الإمام" لم ينحسر
س ـ قبل المحنة كان هناك تيار جارف، هو تيار المحرومين وقد عرف "تيار الإمام"، والآن يقال إن هذا التيار اغتالته الأحداث فانحسر مده الشعبي، وأنكم لا تجرؤون على الذهاب إلى الجنوب خوفاً على حياتكم؟
ج ـ إن تيار حركة المحرومين وأيديولوجيتها، أي انطلاق الإنسان المحروم لمعالجة حرمانه، انطلاقاً من مبدأ الإيمان بالله كهدف وكمسلك أقول أن هذا التيار كان وسيبقى في لبنان، وفي خارجه، وهو اكبر من الإمام، ومن الأحداث كلها. ويشرفني أن أكون من الذين أدركوا عمق هذا التيار وآمنوا بالناس وبقوتهم، وبقوة أيمانهم وبقداسة نضالهم الذي تغير بسبب الأحداث، كان كما تحدثنا مع مجلة "الصياد" منذ اكثر من شهر ونصف الشهر هو الإعلام الموجه المتشنج والذي كان سلاحا متناسبا للحرب القذرة ومعها. كما أن تحول لبنان إلى ساحة الصراع اللبناني والعربي والدولي كان يتطلب مقتضيات سياسية وإعلامية، تؤثر مرحلياً في أفكار الناس. ويحزنني أن اسمي المفارقة الثالثة، وهي تحول مؤقت من مواقف بعض فصائل المقاومة، نتيجة لدفع حلفائها اللبنانيين والذي بدأ يتحول أيضاً بدوره إلى مواقف طبيعية وسليمة.
أما السبب الرابع فقد كان شعور الناس بأن آمالهم العريضة من اجل إنقاذهم من المحنة القاسية، لا تتحقق على أيدي القادة دون أن تتنبه الجماهير، إلى هول الكارثة، وضخامة المؤامرة، وقوة العناصر التي تتفاعل فيها. ومع ذلك، وبعد ذلك فان الحكم على انحسار التيار الذي سميته "بتيار الإمام" سابق لأوانه، ويحتاج إلى انقشاع غبار المعركة.
كل ذلك مع إنني ارجوا ألا اعمل من اجل تيار شعبي، فإني لا اعبد ربين الله والناس. ولا شك أن من اصلح بينه وبين الله اصلح الله بينه وبين الناس كما يقول الحديث الشريف. إنني اخدم الناس قربة إلى الله تعالى.
التهديد لا يفارقني
أما الحديث عن الحياة المهددة، فإنني أؤكد لك أن التهديد لا يفارقني منذ عشر سنوات وحتى الآن، ولكن الاستسلام للتهديد ليس وارداً في منطقي، ولعلك تعرف أنني منذ أن دخلت المبادرة السورية مرحلة التنفيذ السياسي، وشعرت ببدايات التوتر بين المقاومةالفلسطينية وبين سوريا، انتقلت بين صبرا ودمشق خمسة مرات، كان آخرها لقاء ثلاثياً مع الرئيس الأسد والسيد ياسر عرفات دام سبع ساعات، وخلال هذه التنقلات تعرضت لأخطار كبيرة منها انتقالي في المرة الرابعة، الذي كان بواسطة طوافة عسكرية سورية، أقلعت من مطار بيروت في حزيران 1976 وتعرضت لنيران رشاش ثقيل بست وثمانين طلقة ولكن الله. أنقذني ورفاقي الذين كانوا معي في الطوافة.
الأمن مفتاح الحل للجنوب
س ـ لقد طرحتم مطالب وحلولا للوضع في الجنوب، هل حصلتم على وعود محددة من الرئيس سركيس، لإنقاذ الجنوب قبل فوات الأوان؟
ج ـ من الطبيعي أن مفتاح الحل لمحنة الجنوب هو توفير الأمن. ولا أزيد القارئ معلومات حول ما قلت بعد مقابلتي الأخيرة مع الرئيس أن السباق بين تشكيل جيش لبناني وبين الاتصالات السياسية لانتقال قوات الأمن العربية المعززة إلى الجنوب على قدم وساق.
وفي تصوري انه خلال فترة لا تتجاوز الشهر الواحد، سيتحقق أحد الأمرين وسيعود الأمن إلى الجنوب بإذن الله.
ومن المؤكد أن تهديدات إسرائيل لمنع انتقال قوة السلام إلى الجنوب، هي ابتزاز سياسي ومحاولة لاستمرار محنة الجنوب أطول فترة ممكنة، حيث أن هذا بزعم إسرائيل يخلق من جهة انفجار في العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، ومن جهة أخرى تصاعد التوتر الطائفي في المنطقة، وإسرائيل تراهن على الأمرين معا. ولذلك فإنني أرى ضرورة تصدي القمة الروحية لعلاج الأمرين معاً حتى قبل انتقال القوات إلى الجنوب.
إبعاد الفوضويين عن ساحة الجنوب
لقد آن الأوان لان يدرك اللبنانيون جميعاً والفلسطينيون معهم أن ما تحمله الجنوب من آلام سياسية، اجتماعية أمنية، واعتداءات إسرائيلية في سبيلهم، يفوق الوصف وهو الآن يطلب منهم تفهم وضعه، وتنظيم صفوف الأحزاب والمقاومة والقوى الأخرى وإبعاد الفوضى والفوضويين والارتجال والمرتجلين عن الساحة الجنوبية، لكي يتحمل الجنوبي بوعي، وصبر بطوليين، مصيره ويؤدي واجبه. إن الخطأ الذي ارتكب في بيروت وسائر أنحاء لبنان، لا يجب ان يتكرر في الجنوب لأنه لا يمكن تدارك نتائجه.
القمة الروحية
س ـ هل اتفقتم مع القادة الروحيين على عقد القمة الروحية وحددتم موعدا لها؟
ج ـ الاتفاق موجود منذ مدة طويلة، لكن طغيان صوت المدفع كان يحول دون إنجاز هذه الرغبة الصادقة المؤثرة. أما الآن فليس أمامنا إلا إكمال مشروع ورقة العمل وتوزيعها تمهيداً للبت بتحديد الموعد والمكان والمنهج.
مؤسسة للحوار لا طاولة مستديرة
س ـ سماحة الإمام : إلى أي لبنان تتطلعون في المرحلة المقبلة، أي جيش؟ وأي إدارة ؟ وأي نظام سياسي؟
ج ـ بصورة مبدئية لا يمكنني أن أدعي في هذه المسألة الاجتماعية السياسية، ذات الأبعاد الثقافية والتاريخية والجغرافية وغيرها، اعني بها مسألة لبنان والمستقبل، أقول لا يمكنني أن ادعي اكثر من كفاءتي.
ولكن المجلس الشيعي وضع، خلال جلسات متعددة، ورقة عمل وهي مقترحات بشأن لبنان المستقبل. إن صورة لبنان المستقبل يجب أن تنطلق من تفاعل الآراء وخبرات اللبنانيين جميعا. وهذا بحاجة إلى ما اقترحته على فخامة الرئيس في لقائي الأول، من تمن لتأسيس مؤسسة للحوار وراء الطاولة المستديرة أو المستطيلة أو غيرهما. وتقوم هذه المؤسسة بالاستماع لآراء جميع من لهم رأي في لبنان المستقبل ونشر هذه الآراء على المواطنين وتتابع الحوار باهتمام إلى أن تتبلور الأبعاد الصحيحة والمتفق عليها للبنان.
وفي هذه العجالة، أتمنى للبنان المستقل إلغاء الطائفية السياسية، واعتماد الكفاءات وتعديل قانون الانتخابات لتصبح اكثر نزاهة وأقوى تمثيلا لعامة الشعب، ثم تعميم الضمانات الاجتماعية والتنمية بدءاً بالمناطق البعيدة وضواحي بيروت.
وبكلمة أتمنى لبنان وطنا لجميع أبنائه بكل ما في الكلمة من معنى.
واللامركزية الإدارية ارفضها
أما مسألة اللامركزية فإني من جهتي لا أوافق عليها حتى إدارياً بعد المحنة. فإني أرى ضرورة وضع سياسية وإدارية تكثر التعايش وتضاعف التفاعل بين المواطنين، على عكس ما هو مطروح في بعض الأندية، ذلك لان التعايش اصبح ملكا للعالم ومنطلقا للتفاعل الحضاري في المستقبل حيث أن القرن العشرين كان قرن الحضارة الأوروبية على العالم. وقد شهدت نهايات هذا القرن محاولات متنوعة، لتحطيم الحضارات الأخرى في الشرق الأوسط، بوجود إسرائيل، وفي الشرق الأقصى عن طريق الحروب التي دامت اكثر من ثلاثين عاما. إن القرن المقبل يجب أن يحتوي على افضل الصيغ لاحترام كل الحضارات والثقافات ولخلق التفاعل التام المتكافيء بينها، وبإمكان لبنان ان يكون كما كان نموذجاً واقعيا لهذا المستقبل الذي نحلم به.
س ـ وهنا وصل أعضاء مجلس قيادة طلائع الجيش العربي اللبناني، وكنت اسأل الإمام عن أي جيش يقترح للمستقبل، فتابع سماحته:
ج ـ وحول الجيش أيضاً، لا يختلف رأيي ورؤيتي وتمنياتي عن الوضع العام في الوطن. وأقول لك حتى ولو لم يحضر الأصدقاء أعضاء مجلس قيادة طلائع الجيش العربي اللبناني، أقول لك أنني معجب ومقتنع بأسلوب عملهم حيث انهم صمدوا واحتفظوا بأعز ما عند لبنان وهو تعايش أبنائه رغم الصعاب والمصائب التي تعرضوا لها. نريد للبنان الواحد جيشاً واحدا لكي يكون سياج الوحدة بل روح الوحدة الوطنية.
الحرية في خدمة المصلحة الوطنية
كان ضباط مجلس قيادة الطلائع على موعد مع الإمام، وكانت أسئلة كثيرة لم تطرح بعد فقلت لسماحته:
س ـ سؤال أخير ونفسح لكم بالاجتماع قضية الحرية والصحافة مطروحة الآن. ما رأي سماحتكم في هذا الموضوع؟
ج ـ لقد تحدثت منذ اربعة عشر عاماً في محاضرة في الندوة اللبنانية حول الحريات واقتبست من كلام للإمام علي بن أبي طالب حيث يقول: "من ترك الشهوات كان حراً" يعني أن الذي يطلق لرغباته او حاجاته أو طموحاته العنان، فيتجاوز بذلك على حريات الآخرين، ليس حرا بل انه تحرر من الغير ولكنه لم يتحرر من نفسه، ومن أنانياته. فإذا التزم الإنسان بالقيم والمبادئ الأساسية للمجتمع الإنساني لا يمكن أن تصطدم حريته مع حريات الآخرين.
إن لبنان لأسباب عديدة، ومنها وضعه الديموقراطي لا يمكن أن يعيش بدون الحريات، وأعود لكي أؤكد أن الحريات الصحيحة هي في ظل التحرر من الغير ومن النفس، أي الحرية في خدمة المصالح العليا.
| |
|