أبو طوني أسد الجنوب
عدد الرسائل : 576 العمر : 34 الموقع : الجنوب-النبطية تاريخ التسجيل : 06/05/2008
| موضوع: من تاريخ المواجهات مع العدو الاسرائيلي الأربعاء سبتمبر 24, 2008 2:40 am | |
| من تاريخ المواجهات مع العدو الاسرائيلي
"وادي الحجير" أرست لمعادلة جديدة أرعبت "الجيش الذي لا يقهر"
العنوان الأبرز الذي توج آخر أيام شهر أب عام 1997 كان المواجهة البطولية في وادي الحجير بين مجاهدي أفواج المقاومة اللبنانية ـ أمل وقوات الإحتلال الإسرائيلي والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ثمانية اسرائيليين وجرح حوالي عشرين آخرين حسب تقديرات وكالات الأنباء العالمية من داخل الشريط المحتل في حين اعترفت اسرائيل بمقتل خمسة رقباء وجرح تسعة.
وقد جاءت هذه المواجهة عشية الذكرة التاسعة عشرة لتغييب الإمام القائد السيد موسى الصدر لتؤكد أن حركة أمل كانت الرائدة في المواجهات والعمليات النوعية ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي كما أن هذه المواجهة وما خلفته من نتائج مدمرة على الوضع الداخلي الإسرائيلي وعلى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، برهنت للجميع أن حركة أمل وكما هي رائدة في العمل المسلح ضد الإحتلال، فإنها في الوقت ذاته رائدة في صنع الأحداث الهامة والحاسمة أمام ما كان يحاك آنذاك من مؤامرات اسرائيلية والتي برزت معالمها في أكثر من مناسبة وتحرك بدءاً من مقولة جزين أولاً وصولاً الى محاولة تعديل تفاهم نيسان وجعله مطية للأهداف الإسرائيلية في لبنان.
سقوط المراهنات الإسرائيلية
الذين رصدوا التحركات الدبلوماسية الأميركية ـ الإسرائيلية في هذا التاريخ أشاروا الى سلسلة من المؤشرات كان أبرزها الحديث عن مشروع أميركي ـ فرنيس لتعديل تفاهم نيسان عبر اعتماده كمرجع سياسي ـ امني كمحاولة أولى لفصل المسار اللبناني عن المسار السوري والإستفراد بلبنان من خلال استحداث ملاحق جديدة للتفاهم تحدد سقف التحرك اللبناني دبلوماسياً وتسعى لتجميل عمل المقاومة وحصرها في أضيق الأطر، وكان واضحاً أن المطالب الإسرائيلية المتعلقة بتعديل التفاهم والمدعومة أميركياً تمحورت حول النقاط التالية:
- ايقاف نشاط المقاومة في منطقتي جزين ومرجعيون.
- منع استخدام الصواريخ والعبوات ومدفعية الهاون.
- جعل تفاهم نيسان مرجعاً صالحاً للحوار اللبناني ـ الإسرائيلي بدل كونه مرجعاً للشكاوى والبت بها.
- ان يلحظ التفاهم وجود ما يسمى جيش لبنان الجنوبي ومنع التعدي على ضباطه وجنوده في مناطق تواجدهم خصوصاً في منطقة جزين.
وحسب مصادر سياسية مطلعة فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو آنذاك كان يحاول إدراج تفاهم نيسان وملحقاته الأمنية والسياسية وموضوع جزين أولاً على قائمة أولويات مباحثاته مع وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت.
لكن الرد كان سريعاً من قبل الرئيس نبيه بري الذي أبدى رفضه المطلق لأي تعديل في التفاهم وأكد على ضرورة تواصل المسارين اللبناني والسوري كما اكد على حق المقاومة في استخدام العبوات كأسلوب دفاعي وهجومي ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي وعملائها.
في هذا الوقت كانت أفواج المقاومة اللبنانية أمل تحضر للرد العملي على المخطط الإسرائيلية ورد الصاع صاعين لقواته المحتلة على الصعيد العسكري وبالتالي اسقاط المراهنات الإسرائيلية على تعديل التفاهم ومحاولة تمرير ملحقات سرية له.
وفي الثامن والعشرين من شهر أب 1997 وبينما كانت الدوائر الإسرائيلية منشغلة في كيفية اعداد مسودات تعديل تفاهم نيسان كان مجاهدو أمل يؤكدون حقهم وحق لبنان في المواجهة وعلى طريقتهم والأسلوب المناسب من خلال سلاح العبوات والإشتباك المباشر مع قوات الإحتلال الإسرائيلية.
-------------------------------- استمرار النهج للأفواج وكان وقع مواجهة وادي الحجير صاعقاً على القيادة الإسرائيلية والتي سارعت للإستنجاد بقوات الطوارئ لحماية جنودها في ميدان المعركة واستناداً الى مصادر دبلوماسية فإن الإسرايليين سارعوا الى كشف ملابسات الوقائع الميدانية مع الدبلوماسية الأميركية والفرنسية بعدما تبين أن مجاهدي أمل هم المسؤولون عن مواجهة وادي الحجير، هذه المواجهة التي أعادت للأذهان سلسلة العمليات الكبرى والحاسمة التي خاضها مجاهدو أمل ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي منذ عام 1982 وحتى اواخر عام 1996، حيث استطاعت أمل سحق مجموعة التجمعات العسكرية العميلة التي أنشأتها قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي. وفي هذا الوقت استخدم مجاهدو أمل تكتيكات جديدة لخلخلة الجنوبي من الداخل، وتمكن مجاهدو أمل من اختراق صفوف العملاء واستطاعوا فكفكة صفوفهم عبر توجيه الضربات المؤلمة والقاضمة والتي طالت رموزاً أساسية منهم، ورغم الأحداث التي مرت بها الساحة الجنوبية ما بين أعوام 1987 حتى عام 1990 فان مجاهدي أمل استمروا في مقارعة قوات الإحتلال الإسرائيلية وعملائها، وبعد مؤتمر الطائف وحل الميليشيات واستتباب الأمن الوطني الداخلي، اتبعت حركة أمل نمطاً جديداً من القتال ضد الجيش الإسرائيلي وحقق هذا النمط نتائج ملموسة في إصابة رؤوس الرتب العسكرية في جيش الإحتلال وكان أبرز المواجهات بين أفواج المقاومة اللبنانية أمل وقوات الإحتلال في أعوام 94 - 95 - 1996، وحول مجاهدو أمل أودية الجرمق وزبقين والسلوقي مقابر لضباط وجنود الجيش الإسرايلي، ثم أتت مواجهة وادي الحجير لتؤكد أن زمام المبادرة العسكرية ما زالت بيد مجاهدي أمل وأن هذه المبادرة قائمة على الأسس التالية: - الإيمان المطلق بالشعارات التي رفعها الإمام القائد موسى الصدر وباتت نبراساً للمجاهدين في الجنوب والبقاع الغربي والتي حددت سقف المواجهة من خلال التاكيد على أن اسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام. وانجلت مواجهة وادي الحجير على خسائر فادحة لقوات الإحتلال الإسرائيلي وبدا أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يحاولون التخفيف من وطأة الهزيمة عبر الحديث عن أخطاء ميدانية ارتكبها عدد من الجنود وأن الجنود ماتوا حرقاً من القصف، لكن الحقائق الميدانية انكشفت للجميع وبعد أن بان حجم الخسائر الإسرائيلية دب الذكر في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية مما دفع بعض القادة السياسيين الى المطالبة بالإنسحاب الفوري من جنوب لبنان. الجدل داخل الكيان الإسرائيلي وصفت مصادر مراقبة الإنهيار المعنوي الذي لف المجتمع الإسرائيلي بعد مواجهة وادي الحجير بأنه انهيار الثقة بين الإسرائيليين والمؤسسة العسكرية، وقد حاول وزير الدفاع الإسرائيلي اسحق موردخاي بعد تفقده الجرحى التملص من مسؤولية ما يجري لقواته في جنوب لبنان تجاه الشارع الصهيوني بتوجيه انتقادات قاسية لرئيس أركان جيشه وقائد المنطقة الشمالية واتهمهما بأنهما يزجان الجنود الإسرائيليين في معركة خاسرة مع المقاومين وفق ما نقلت عنه اذاعة العدو. ودعا لاستخلاص العبر من هذا الحادث وبلورة إجراءات تحول مستقبلاً دون حصول حوادث دموية مفاجئة كالتي حصلت وقال موردخاي أن على الجيش الإسرائيلي أن يجري تحقيقاً كاملاً في هذا الحادث الذي وصفه بأنه مروع وفريد من نوعه. ومن جهته رئيس دولة اسرائيل آنذاك عازار وايزمن قال بعد تفقده الجرحى أنه لا يعتبر ما يحصل في جنوب لبنان تصعيداً في العمليات بل هو نضال مستمر ضد قوات غير نظامية، وهذه عملية صعبة للغاية. ووصف في تصريح بثته الإذاعة الإسرائيلية ما حدث في الجنوب بانه كارثة حقيقية. وتعليقاً على دعوة يوسي بيلين من حزب العمل الى انسحاب أحادي الجانب وغير مشروط للجيش الإسرائيلي من لبنان، قال وايزمن: ان عدداً من الإسرائيليين يؤيدون هذا الرأي، لكنه أبدى أسفه لأن بيلين لم ينتظر أسبوعاً للإدلاء بتصريحه احتراماً لفترة الحداد. أمل ـ الخطر الأكبر في تقييم أولي لمواجهة وادي الحجير أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن دخول حركة أمل على خط العمليات ضد الجيش الإسرائيلي بات يشكل الخطر الأكبر على ضباط وجنود هذا الجيش وقال أحد المعلقين أن مجرد قيام حركة أمل بهذا النوع من العمليات الهجومية يدفع المسؤولين في تل أبيب الى التفكير الجدي في الإنسحاب من الجنوب اللبناني. والموقف الإسرائيلي هذا ليس بعيداً عن موقف المسؤولين الأميركيين الذين عبروا من واشنطن عن قلقهم لمشاركة حركة أمل في القتال وقال أحد هؤلاء المسؤولين إذا شاركت أمل في نشاط اشتباكات جنوب لبنان، فان ذلك قد يغير كل شيء، معرباً عن اعتقاده أن اسرائيل قد ترد مباشرة على الحكومة اللبنانية لكون أمل مشاركة فيها. ويضيف هذا المسؤول من المنظور الإسرائيلي سيكون الأمر مثيراً للمشاكل، اعتقد أن الإسرائيلين حاولوا أن يصنعوا المقاومين في جنوب لبنان بأنهم ارهابيون، ولا يمكن الإشارة الى حركة أمل على أنها منظمة ارهابية، ونبيه بري هو أحد أعضاء الحكم في لبنان. وإذا كان الكلام الإسرائيلي يحذر من خطورة تصعيد حركة أمل للمواجهات مع جيش الدفاع فإن الكلام الأميركي هذا أثار انتباه المراقبين خصوصاً وأن الأميركيين قلما اهتموا بتفاصيل دقيقة تتعلق بهوية الناشطين ضد الإحتلال الإسرائيلي في الجنوب بعدما اكتفوا باطلاق صفة الإرهاب على كل من يشارك في هذا النشاط، وباعتقاد المراقبين أن الأميركيين الذين اعتقدوا أو تجاهلوا عن قصد أو غير قصد تأثير أمل في المقاومة المسلحة ضد الإسرائيليين في جنوب لبنان فإنهم منزعجون جداً من حركة أمل وأنهم سيحاولون الضغط على المسؤولين اللبنانيين للحد من نشاط حركة أمل، كي لا يتعارض ذلك وما يدعونه عن حماية لبنان من ضربات اسرائيلية واسعة تطال البنى التحتية للمؤسسات الصناعية والإنتاجية اللبنانية. حسماً لكل هذه التأويلات كان الرئيس نبيه بري واضحاً في موقفه حين أعلن في مهرجان تغييب الإمام الصدر في بعلبك، أنه قد يتخلى عن ألف مجلس نيابي ولن يتخلى عن المقاومة. لكن لماذا يتخوف الأميركيون والإسرائيليون من انخراط أفواج المقاومة أمل بشكل واسع في العمليات ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي. في الواقع إن حركة أمل سعت بعد اتفاق الطائف الى تغيير نمط قتالها ضد العدو الإسرائيلي وعملائه وأعادت ترتيب الأولويات في هذا القتال مما استدعى ايجاد أفضل الصيغ للتفاعل بين مقولة المقاومة المسلحة وبناء الدولة والسلم الأهلي فلجأت الى اعداد كادرها القتالي ليتكيف مع الواقع الجديد من خلال النظرية العسكرية أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم وبالتتابع، نفذت حركة أمل سلسلة عملياتها النوعية في القطاعين الأوسط والغربي وفي عمق مناطق الإحتلال الإسرائيلي، ومن خلال الدروس المستفادة من هذه العمليات كانت أمل تواصل تطوير أساليب القتال على الصعيد البشري والتقني وبعيداً عن أضواء الإعلام أنجزت حركة أمل جزءاً هاماً من متطلبات المواجهات المباشرة مع العدو التي اعتمدت: أولاً: على مجموعات قليلة لكن ذات فعالية أكبر لإنزال الخسائر في صفوف الإحتلال. ثانياً: تقنية عالية في إدارة المعركة وتوجيه الأسلحة الميدانية المشاركة. ثالثاً: الإقتراب أكثر نحو العدو وضربه بشكل مفاجئ وموجع. رابعاً: استخدام العبوة والسلاح الفردي وقاذف الأربي ـ جي كسلاح أساسي في المواجهة. أما على الصعيد السياسي فإن حركة أمل التي كان لها شرف الطلقة الأولى ضد الإحتلال عام 1982 وما سبقه من أعوام منذ عام 1975، قد جسدت آمال اللبنانيين كافة في سياق مواجهة المشروع الإسرائيلي في لبنان، وأثبتت أمل أنها قادرة على استيعاب شعارات المرحلة وطنياً وقومياً وأنها قادرة أيضاً على استقراء خلفيات التطورات والأحداث السياسية هذا إضافة الى إرساء الإمام المؤسس القائد السيد موسى الصدر مفهوم شمولية المعركة وهذه الشمولية في مفهومها الوطني العام، قبلها اللبنانيون من الطوائف والمذاهب كافة. قصارى القول أن مواجهة وادي الحجير قلبت الموازين السياسية والميدانية وأوجدت إرباكاً واضحاً في الداخل الإسرائيلي ووجهت صفعة للدبلوماسية الأميركية التي سعت منذ سنوات الى طمس معالم وسمات المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الإحتلال الإسرائيلي، كما أنها أعادت تصحيح الأمور من ميزان حق الجميع في المقاومة، وحق المقاومة على الجميع، ويبقى أن شهداء وادي الحجير وقبلهم شهداء وادي السلوقي قد خطوا بدمائهم دعوة موجهة للجميع بضرورة إعادة النظر بأوجه عديدة تتعلق بالمقاومة وأسلوب عملها وعلاقتها مع شعبها وأكثر من ذلك علاقتها مع ذاتها. فالمقاومة لا تستطيع العيش الا في وسط أهلها وشعبها وليس أمامها سوى خيار واحد، الإنتصار
| |
|